المعجم العربي الجامع

آ، الألف

المعنى: ( آ ) : الألف : تأليفها من همزة ولام وفاء ، وسميت ألفا لأنها تألف الحروف كلها ، وهي أكثر الحروف دخولا في المنطق ، ويقولون : هذه ألف مؤلفة . وقد جاء عن بعضهم في قوله تعالى : ( الم ) أن الألف اسم من أسماء الله تعالى وتقدس ، والله أعلم بما أراد ، والألف اللينة لا صرف لها إنما هي جرس مدة بعد فتحة ، وروى الأزهري عن أبي العباس أحمد بن يحيى ومحمد بن يزيد أنهما قالا : أصول الألفات ثلاثة ويتبعها الباقيات : ألف أصلية وهي في الثلاثي من الأسماء . وألف قطعية وهي في الرباعي . وألف وصلية وهي فيما جاوز الرباعي ، قالا : فالأصلية : مثل ألف ألف وإلف وألف وما أشبهه ، والقطعية : مثل ألف أحمد وأحمر وما أشبهه . والوصلية : مثل ألف استنباط واستخراج ، وهي في الأفعال إذا كانت أصلية مثل ألف أكل ، وفي الرباعي إذا كانت قطعية مثل ألف أحسن ، وفيما زاد عليه مثل ألف استكبر واستدرج إذا كانت وصلية .  قالا : ومعنى ألف الاستفهام ثلاثة : تكون بين الآدميين يقولها بعضهم لبعض استفهاما ، وتكون من الجبار لوليه تقريرا ولعدوه توبيخا ، فالتقرير كقوله عز وجل للمسيح :  أأنت قلت للناس  ؛ قال  أحمد بن يحيى  : وإنما وقع التقرير لعيسى عليه السلام ؛ لأن خصومه كانوا حضورا فأراد الله عز وجل من عيسى أن يكذبهم بما ادعوا عليه ، وأما التوبيخ لعدوه : فكقوله عز وجل :  أصطفى البنات على البنين  وقوله :  أأنتم أعلم أم الله  أأنتم أنشأتم شجرتها  .  وقال أبو منصور : فهذه أصول الألفات ، وللنحويين ألقاب لألفات غيرها تعرف بها ، فمنها : الألف الفاصلة وهي في موضعين ؛ أحدهما : الألف التي تثبتها الكتبة بعد واو الجمع ليفصل بها بين واو الجمع وبين ما بعدها مثل : كفروا وشكروا ، وكذلك الألف التي في مثل : يغزوا ويدعوا ، وإذا استغني عنها لاتصال المكني بالفعل لم تثبت هذه الألف الفاصلة . والأخرى : الألف التي فصلت بين النون التي هي علامة الإناث وبين النون الثقيلة كراهة اجتماع ثلاث نونات في مثل قولك للنساء في الأمر : افعلنان ؛ بكسر النون وزيادة الألف بين النونين . ومنها : ألف العبارة ؛ لأنها تعبر عن المتكلم مثل قولك : أنا أفعل كذا وأنا أستغفر الله وتسمى العاملة . ومنها : الألف المجهولة مثل : ألف فاعل وفاعول وما أشبهها ، وهي ألف تدخل في الأفعال والأسماء مما لا أصل لها ، إنما تأتي لإشباع الفتحة في الفعل والاسم ، وهي إذا لزمتها الحركة كقولك : خاتم وخواتم صارت واوا لما لزمتها الحركة بسكون الألف بعدها ، والألف التي بعدها هي ألف الجمع ، وهي مجهولة أيضا . ومنها : ألف العوض وهي المبدلة من التنوين المنصوب إذا وقفت عليها كقولك : رأيت زيدا وفعلت خيرا وما أشبهها . ومنها : ألف الصلة وهي ألف توصل بها فتحة القافية ، فمثله قوله :    بانت سعاد وأمسى حبلها انقطعا وتسمى ألف الفاصلة ، فوصل ألف العين بألف بعدها . ومنه قوله عز وجل :  وتظنون بالله الظنونا  الألف التي بعد النون الأخيرة هي صلة لفتحة النون ، ولها أخوات في فواصل الآيات كقوله عز وجل : ( قواريرا ) و  سلسبيلا  وأما فتحة " ها " المؤنث فقولك : ضربتها ومررت بها ، والفرق بين ألف الوصل وألف الصلة أن ألف الوصل إنما اجتلبت في أوائل الأسماء والأفعال ، وألف الصلة في أواخر الأسماء كما ترى . [ ص: 30 ] ومنها : ألف النون الخفيفة كقوله عز وجل : ( لنسفعا بالناصية ) وكقوله عز وجل : ( وليكونا من الصاغرين ) الوقوف على ( لنسفعا ) وعلى ( وليكونا ) بالألف ، وهذه الألف خلف من النون ، والنون الخفيفة أصلها الثقيلة إلا أنها خففت ؛ من ذلك قول الأعشى :    ولا تحمد المثرين والله فاحمدا أراد فاحمدن ، بالنون الخفيفة ، فوقف على الألف ، وقال آخر :    وقمير بدا ابن خمس وعشري     ن ، فقالت له الفتاتان : قوما  أراد : قومن فوقف بالألف ؛ ومثله قوله :    يحسبه الجاهل ما لم يعلما     شيخا ، على كرسيه ، معمما  فنصب " يعلم " لأنه أراد ما لم يعلمن بالنون الخفيفة فوقف بالألف ؛ وقال أبو عكرمة الضبي في قول امرئ القيس :    قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل قال : أراد قفن فأبدل الألف من النون الخفيفة كقوله : قوما أراد قومن . قال أبو بكر : وكذلك قوله عز وجل :  ألقيا في جهنم  ؛ أكثر الرواية أن الخطابلمالك خازن جهنم وحده فبناه على ما وصفناه ، وقيل : هو خطاب لمالك وملك معه ، والله أعلم ؛ ومنها : ألف الجمع مثل : مساجد وجبال وفرسان وفواعل ، ومنها : التفضيل والتصغير كقوله : فلان أكرم منك وألأم منك ، وفلان أجهل الناس ، ومنها : ألف النداء كقولك : أزيد ؛ تريد يا زيد ، ومنها : ألف الندبة كقولك : وازيداه ! أعني الألف التي بعد الدال ، ويشاكلها ألف الاستنكار إذا قال رجل : جاء أبو عمرو فيجيب المجيب أبو عمراه ، زيدت الهاء على المدة في الاستنكار كما زيدت في وافلاناه في الندبة ، ومنها : ألف التأنيث نحو مدة حمراء وبيضاء ونفساء ، ومنها : ألف سكرى وحبلى ، ومنها : ألف التعايي وهو أن يقول الرجل : إن عمر ، ثم يرتج عليه كلامه فيقف على عمر ويقول : إن عمرا ، فيمدها مستمدا لما يفتح له من الكلام فيقول : منطلق ، المعنى إن عمر منطلق إذا لم يتعاي ، ويفعلون ذلك في الترخيم كما يقول : يا عما وهو يريد يا عمر ، فيمد فتحة الميم بالألف ليمتد الصوت ؛ ومنها : ألفات المدات كقول العرب للكلكل : الكلكال ، ويقولون للخاتم : خاتام ، وللدانق : داناق . قال أبو بكر : العرب تصل الفتحة بالألف ، والضمة بالواو ، والكسرة بالياء ؛ فمن وصلهم الفتحة بالألف قول الراجز :    قلت وقد خرت على الكلكال :     يا ناقتي ما جلت عن مجالي  أراد : على الكلكل فوصل فتحة الكاف بالألف ؛ وقال آخر :    لها متنتان خظاتا كما أراد : خظتا ؛ ومن وصلهم الضمة بالواو ما أنشده الفراء :    لو أن عمرا هم أن يرقودا     فانهض فشد المئزر المعقودا  أراد : أن يرقد ، فوصل ضمة القاف بالواو ؛ وأنشد أيضا :    الله يعلم أنا في تلفتنا     يوم الفراق ، إلى إخواننا صور  وأنني حيثما يثني الهوى بصري     من حيثما سلكوا ، أدنو فأنظور  أراد : فأنظر ؛ وأنشد في وصل الكسرة بالياء :    لا عهد لي بنيضال     أصبحت كالشن البالي  أراد : بنضال ؛ وقال :    على عجل مني أطأطئ شيمالي أراد : شمالي ، فوصل الكسرة بالياء ؛ وقال عنترة :    ينباع من ذفرى غضوب جسرة أراد : ينبع ؛ قال : وهذا قول أكثر أهل اللغة ، وقال بعضهم : ينباع ينفعل من باع يبوع ، والأول يفعل من نبع ينبع ؛ ومنها : الألف المحولة ، وهي كل ألف أصلها الياء والواو المتحركتان كقولك : قال وباع وقضى وغزا وما أشبهها ؛ ومنها : ألف التثنية كقولك : يجلسان ويذهبان ، ومنها : ألف التثنية في الأسماء كقولك : الزيدان والعمران . وقال أبو زيد : سمعتهم يقولون : أيا أياه أقبل ، وزنه عيا عياه . وقال  أبو بكر بن الأنباري  : ألف القطع في أوائل الأسماء على وجهين ؛ أحدهما : أن تكون في أوائل الأسماء المنفردة ، والوجه الآخر : أن تكون في أوائل الجمع ، فالتي في أوائل الأسماء تعرفها بثباتها في التصغير بأن تمتحن الألف فلا تجدها فاء ولا عينا ولا لاما ، وكذلك  فحيوا بأحسن منها  والفرق بين ألف القطع وألف الوصل أن ألف الوصل فاء من الفعل ، وألف القطع ليست فاء ولا عينا ولا لاما ، وأما ألف القطع في الجمع فمثل ألف ألوان وأزواج ، وكذلك ألف الجمع في الستة ، وأما ألفات الوصل في أوائل الأسماء فهي تسعة : ألف ابن وابنة وابنين وابنتين وامرئ وامرأة واسم واست فهذه ثمانية تكسر الألف في الابتداء وتحذف في الوصل ، والتاسعة الألف التي تدخل مع اللام للتعريف ، وهي مفتوحة في الابتداء ساقطة في الوصل كقولك : الرحمن ، القارعة ، الحاقة ، تسقط هذه الألفات في الوصل وتنفتح في الابتداء . وتقول للرجل إذا ناديته : آفلان وأفلان وآ يا فلان ، بالمد ، والعرب تزيد " آ " إذا أرادوا الوقوف على الحرف المنفرد ؛ أنشد  الكسائي  :    دعا فلان ربه فأسمعا     بالخير خيرات ، وإن شرا فآ  ولا أريد الشر إلا أن تآ قال : يريد إلا أن تشاء ، فجاء بالتاء وحدها وزاد عليها " آ " ، وهي في لغة بني سعد ، إلا أن " تا " بألف لينة ويقولون ألا " تا " ، يقول : ألا تجيء ، فيقول الآخر : بلى فا أي : فاذهب بنا ، وكذلك قوله وإن شرا فآ ، يريد : إن شرا فشر .  الجوهري : " آ " حرف هجاء مقصورة موقوفة ، فإن جعلتها اسما مددتها ، وهي تؤنث ما لم تسم حرفا ، فإذا صغرت آية قلت أيية ، وذلك إذا كانت صغيرة في الخط ، وكذلك القول فيما [ ص: 31 ] أشبهها من الحروف ؛ قال  ابن بري  : صواب هذا القول إذا صغرت " آء " فيمن أنث قلت : أيية ، على قول من يقول زييت زايا ، وذيلت ذالا ، وأما على قول من يقول زويت زايا فإنه يقول في تصغيرها : أوية ، وكذلك تقول في الزاي : زوية . قالالجوهري في آخر ترجمة أوا : آء حرف يمد ويقصر ، فإذا مددت نونت ، وكذلك سائر حروف الهجاء ، والألف ينادى بها القريب دون البعيد ، تقول : أزيد أقبل ، بألف مقصورة والألف من حروف المد واللين ، فاللينة : تسمى الألف ، والمتحركة : تسمى الهمزة ، وقد يتجوز فيها فيقال أيضا : ألف ، وهما جميعا من حروف الزيادات ، وقد تكون الألف ضمير الاثنين في الأفعال نحو فعلا ويفعلان ، وعلامة التثنية في الأسماء ، ودليل الرفع نحو زيدان ورجلان ، وحروف الزيادات عشرة يجمعها قولك : " اليوم تنساه " وإذا تحركت فهي همزة ، وقد تزاد في الكلام للاستفهام ، تقول : أزيد عندك أم عمرو ، فإن اجتمعت همزتان فصلت بينهما بألف ؛ قال  ذو الرمة  :    أيا ظبية الوعساء بين جلاجل     وبين النقا ، آأنت أم أم سالم ؟  قال : والألف على ضربين : ألف وصل وألف قطع ، فكل ما ثبت في الوصل ، فهو ألف القطع ، وما لم يثبت فهو ألف الوصل ، ولا تكون إلا زائدة ، وألف القطع قد تكون زائدة مثل ألف الاستفهام ، وقد تكون أصلية مثل أخذ وأمر ، والله أعلم . 
المعجم: لسان العرب

حَرْفُ الْهَمْزَةِ

المعنى: نَذْكُرُ فِي هَذَا الْحَرْفِ الْهَمْزَةَ الْأَصْلِيَّةَ الَّتِي هِيَ لَامُ الْفِعْلِ ، فَأَمَّا الْمُبْدَلَةُ مِنَ الْوَاوِ نَحْوَ الْعَزَاءِ ، الَّذِي أَصْلُه ُ عَزَاوٌ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ " عَزَوْتُ " ، أَوِ الْمُبْدَلَةُ مِنَ الْيَاءِ نَحْوَ الْآبَاءِ ، الَّذِي أَصْلُهُ " أَبَايْ " ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَبَيْتُ ، فَنَذْكُرُهُ فِ ي بَابِ الْوَاوِ وَالْيَاءِ ، وَنُقَدِّمُ هُنَا الْحَدِيثَ فِي الْهَمْزَةِ.؛قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْهَمْزَةَ لَا هِجَاءَ لَهَا ، إِنَّمَا تُكْتَبُ مَرَّةً أَلِفًا وَمَرَّةً يَاءً وَمَرَّةً وَاوًا ، وَالْأَلِفُ اللَّيِّنَةُ لَا حَرْفَ لَهَا ، إِ نَّمَا هِيَ جُزْءٌ مِنْ مَدَّةٍ بَعْدَ فَتْحَةٍ. وَالْحُرُوفُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا مَعَ الْوَاوِ وَالْأَلِفِ وَالْيَاءِ ، وَتَتِمُّ بِالْهَمْزَةِ تِ سْعَةً وَعِشْرِينَ حَرْفًا.؛وَالْهَمْزَةُ كَالْحَرْفِ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَنَّ لَهَا حَالَاتٍ مِنَ التَّلْيِينِ وَالْحَذْفِ وَالْإِبْدَالِ وَالتَّحْقِيقِ تَعْتَلُّ ، فَأُلْحِقَتْ بِالْأَ حْرُفِ الْمُعْتَلَّةِ الْجُوفِ ، وَلَيْسَتْ مِنَ الْجَوْفِ ، إِنَّمَا هِيَ حَلْقِيَّةٌ فِي أَقْصَى الْفَمِ ؛ وَلَهَا أَلْقَابٌ كَأَلْقَابِ الْحُرُوفِ الْجُوفِ ، فَمِنْهَا هَمْزَةُ التَّأْنِيثِ ، كَهَمْزَةِ الْحَمْرَاءِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْعُشَرَاءِ وَالْخَشَّاءِ ، وَكُلٌّ مِنْهَا مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ ؛ وَمِنْهَا ا لْهَمْزَةُ الْأَصْلِيَّةُ فِي آخِرِ الْكَلِمَةِ مِثْلَ: الْحِفَاءُ وَالْبَوَاءُ وَالْوَطَاءُ وَالطِّوَاءُ ؛ وَمِنْهَا الْوَحَاءُ وَالْبَاءُ وَالدَّاءُ وَالْإِ يطَاءُ فِي الشِّعْرِ. هَذِهِ كُلُّهَا هَمْزُهَا أَصْلِيٌّ. وَمِنْهَا هَمْزَةُ الْمَدَّةِ الْمُبْدَلَةُ مِنَ الْيَاءِ وَالْوَاوِ: كَهَمْزَةِ السَّمَاءِ وَالْبُ كَاءِ وَالْكِسَاءِ وَالدُّعَاءِ وَالْجَزَاءِ وَمَا أَشْبَهَهَا. وَمِنْهَا الْهَمْزَةُ الْمُجْتَلَبَةُ بَعْدَ الْأَلِفِ السَّاكِنَةِ نَحْوَ: هَمْزَةُ وَائِلٍ و َطَائِفٍ ، وَفِي الْجَمْعِ نَحْوَ: كَتَائِبُ وَسَرَائِرُ. وَمِنْهَا الْهَمْزَةُ الزَّائِدَةُ نَحْوَ: هَمْزَةُ الشَّمْأَلِ وَالشَّأْمَلِ وَالْغَرْقَئِ. وَمِنْه َا الْهَمْزَةُ الَّتِي تُزَادُ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ سَاكِنَانِ ؛ نَحْوَ: اطْمَأَنَّ وَاشْمَأَزَّ وَازْبَأَرَّ وَمَا شَاكَلَهَا. وَمِنْهَا هَمْزَةُ الْوَقْفَةِ ف ِي آخِرِ الْفِعْلِ لُغَةٌ لِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ نَحْوَ قَوْلِهِمْ لِلْمَرْأَةِ: قُولِئْ ، وَلِلرَّجُلَيْنِ قُولَأْ ، وَلِلْجَمِيعِ قُولُؤْ ، لِهَذَا وَصَلُوا ال ْكَلَامَ لَمْ يَهْمِزُوا ، وَيَهْمِزُونَ لَا إِذَا وَقَفُوا عَلَيْهَا. وَمِنْهَا هَمْزَةُ التَّوَهُّمِ كَمَا رَوَى الْفَرَّاءُ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ أَنَّهُمْ ي َهْمِزُونَ مَا لَا هَمْزَ فِيهِ إِذَا ضَارَعَ الْمَهْمُوزَ.؛قَالَ: وَسَمِعْتُ امْرَأَةً مِنْ غَنِيٍّ تَقُولُ: رَثَأْتُ زَوْجِي بِأَبْيَاتٍ ، كَأَنَّهَا لَمَّا سَمِعَتْ رَثَأْتُ اللَّبَنَ ذَهَبَتْ إِلَى أَنَّ مَرْثِيَّةَ الْمَيِّتِ مِنْهَا. قَالَ: وَيَقُولُونَ لَبَّأْتُ بِالْحَجِّ وَحَلَّأْتُ السَّوِيقَ فَيَغْلَطُونَ ؛ لِأَنَّ " حَلَّأْتُ " يُقَالُ فِي دَفْعِ الْعَطْشَانِ عَنِ ا لْمَاءِ ، وَلَبَّأْتُ يَذْهَبُ بِهَا الْلَبَا. وَقَالُوا: اسْتَنْشَأَتِ الرِّيحُ وَالصَّوَابُ اسْتُنْشِيَتْ ، ذَهَبُوا بِهِ إِلَى قَوْلِهِمْ: نَشَأَ السَّحَابُ. وَمِنْهَا الْهَمْزَةُ الْأَصْلِيَّةُ الظَّاهِرَةُ نَحْوَ هُمَزِ الْخَبْءِ وَالدِّفْءِ وَالْكُفْءِ وَالْعِبْءِ وَمَا أَشْبَهَهَا ؛ وَمِنْهَا اجْتِمَاعُ هَمْز َتَيْنِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ نَحْوَ هَمْزَتَيِ الرِّئَاءِ وَالْحَاوَئَاءِ ؛ وَأَمَّا الضِّيَاءُ فَلَا يَجُوزُ هَمْزُ يَائِهِ ، وَالْمَدَّةُ الْأَخِيرَةُ فِيه ِ هَمْزَةٌ أَصْلِيَّةٌ مِنْ ضَاءَ يَضُوءُ ضَوْءًا. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى فِيمَنْ هَمَزَ مَا لَيْسَ بِمَهْمُوزٍ؛وَكُنْتُ أُرَجِّي بِئْرَ نَعْمَانَ حَائِرًا فَلَوَّأَ بِالْعَيْنَيْنِ وَالْأَنْفِ حَائِرُ أَرَادَ لَوَّى فَهَمَزَ ، كَمَا قَالَ؛كَمُشْتَرِئٍ بِالْحَمْدِ مَا لَا يَضِيرُهُ؛قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: هَذِهِ لُغَةُ مَنْ يَهْمِزُ مَا لَيْسَ بِمَهْمُوزٍ. قَالَ: وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ ، إِذَا كَانَتِ الْهَمْزَةُ طَرَفًا وَقَبْلَهَا سَاكِنٌ حَذَفُوهَا فِ ي الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ ، وَأَثْبَتُوهَا فِي النَّصْبِ ، إِلَّا الْكِسَائِيَّ وَحْدَهُ ، فَإِنَّهُ يُثْبِتُهَا كُلَّهَا.؛قَالَ: لِهَذَا كَانَتِ الْهَمْزَةُ وُسْطَى أَجْمَعُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَنْ لَا تَسْقُطَ.؛قَالَ: وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ بِأَيِّ صُورَةٍ تَكُونُ الْهَمْزَةُ ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: نَكْتُبُهَا بِحَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا وَهُمُ الْجَمَاعَةُ. وَقَالَ أ َصْحَابُ الْقِيَاسِ: نَكْتُبُهَا بِحَرَكَةِ نَفْسِهَا ؛ وَاحْتَجَّتِ الْجَمَاعَةُ بِأَنَّ الْخَطَّ يَنُوبُ عَنِ اللِّسَانِ.؛قَالَ: وَإِنَّمَا يَلْزَمُنَا أَنْ نُتَرْجِمَ بِالْخَطِّ مَا نَطَقَ بِهِ اللِّسَانُ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَهَذَا هُوَ الْكَلَامُ.؛قَالَ: وَمِنْهَا اجْتِمَاعُ الْهَمْزَتَيْنِ بِمَعْنَيَيْنِ وَاخْتِلَافُ النَّحْوِيِّينَ فِيهِمَا. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَأَنَذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ مِنَ الْقُرَّاءِ مَنْ يُحَقِّقُ الْهَمْزَتَيْنِ فَيَقْرَأُ: (أَأَنْذَرْتَهُمْ) قَرَأَ بِهِ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ ، وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو: (آأَنْذَرْتَهُمْ) مُطَوَّلَةً ؛ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ مَا أَشْبَهَهُ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: (آأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ) ، (آأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ) ، (آإِلَهٌ مَع َ اللَّهِ) وَكَذَلِكَ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَيَعْقُوبُ بِهَمْزَةٍ مُطَوَّلَةٍ ، وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ: (آأَنْذَرْتَهُمْ) بِأَلِفٍ بَيْنِ الْهَمْزَتَيْنِ ، وَهِيَ لُغَةٌ سَائِرَةٌ بَيْنَ الْعَرَبِ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ؛تَطَالَلْتُ فَاسْتَشْرَفْتُهُ فَعَرَفْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ آأَنْتَ زَيْدُ الْأَرَانِبِ ؟؛وَأَنْشَدَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى؛خِرَقٌ إِذَا مَا الْقَوْمُ أَجْرَوْا فُكَاهَةً تَذَكَّرَ آإِيَّاهُ يَعْنُونَ أَمْ قِرْدَا ؟؛وَقَالَ الزَّجَّاجُ: زَعَمَ سِيبَوَيْهِ أَنَّ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُحَقِّقُ الْهَمْزَةَ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْهَمْزَتَيْنِ ، وَإِنْ كَانَتَا مِنْ كَلِمَتَيْنِ. قَالَ: وَأَهْلُ الْحِجَازِ لَا يُحَقّ ِقُونَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا.؛وَكَانَ الْخَلِيلُ يَرَى تَخْفِيفَ الثَّانِيَةِ ، فَيَجْعَلُ الثَّانِيَةَ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْأَلِفِ وَلَا يَجْعَلُهَا أَلِفًا خَالِصَةً. قَالَ: وَمَنْ جَعَلَهَا أَلِفًا خَال ِصَةً ، فَقَدْ أَخْطَأَ مِنْ جِهَتَيْنِ ؛ إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ. وَالْأُخْرَى: أَنَّهُ أَبْدَلَ مِنْ هَمْزَةٍ مُتَحَرِّكَةٍ قَبْلَهَا حَرَكَةٌ أَلِفًا ، وَالْحَرَكَةُ الْفَتْحُ. قَالَ: وَإِنَّمَا حَقُّ الْهَمْزَةِ إِذَا تَحَرَّكَتْ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا أَنْ تُجْعَلَ بَيْنَ بَيْنَ - أَعْنِ ي بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَبَيْنَ الْحَرْفِ الَّذِي مِنْهُ حَرَكَتُهَا - فَتَقُولُ فِي سَأَلَ سَأَلَ ، وَفِي رَؤُفَ رَؤُفَ ، وَفِي بِئْسَ بِئْسَ ، وَهَذَا فِي الْخَطِّ وَاحِدٌ ، وَإِنَّمَا تَحْكُمُهُ بِالْمُشَافَهَةِ.؛قَالَ: وَكَانَ غَيْرُ الْخَلِيلِ يَقُولُ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ: " فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا " أَنْ تُخَفَّفَ الْأُولَى.؛قَالَ سِيبَوَيْهِ: جَمَاعَةٌ مِنَ الْعَرَبِ يَقْرَأُونَ: (فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا) ، يُحَقِّقُونَ الثَّانِيَةَ وَيُخَفِّفُونَ الْأُولَى. قَالَ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ.؛قَالَ: وَأَمَّا الْخَلِيلُ ، فَإِنَّهُ يَقْرَأُ بِتَحْقِيقِ الْأُولَى وَتَخْفِيفِ الثَّانِيَةِ.؛قَالَ: وَإِنَّمَا اخْتَرْتُ تَخْفِيفَ الثَّانِيَةِ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَى بَدَلِ الثَّانِيَةِ فِي قَوْلِهِمْ: آدَمُ وَآخَرُ ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي آدَمَ " أَأْدَمُ " ، وَفِي آخَرَ " أَأْخَرُ ".؛قَالَ الزَّجَّاجُ: وَقَوْلُ الْخَلِيلِ أَقْيَسُ ، وَقَوْلُ أَبِي عَمْرٍو جَيِّدٌ أَيْضًا.؛وَأَمَّا الْهَمْزَتَانِ إِذَا كَانَتَا مَكْسُورَتَيْنِ ، نَحْوَ قَوْلِهِ: عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرْدَنْ تَحَصُّنًا ، وَإِذَا كَانَتَا مَضْمُومَتَيْنِ نَحْوَ قَوْلِهِ: أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فَإِنَّ أَبَا عَمْرٍو يُخَفِّفُ الْهَمْزَةَ الْأُولَى مِنْهُمَا ، فَيَقُولُ: عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ ، (وَأَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ) ، فَيَجْعَلُ الْهَمْزَةَ الْأُولَى فِي الْبِغَاءِ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْيَاءِ وَيَكْسِرُهَا ، وَيَجْعَلُ الْهَمْزَةَ فِي قَوْلِهِ: أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ الْأُولَى بَيْنَ الْوَاوِ وَالْهَمْزَةِ وَيَضُمُّهَا.؛قَالَ: وَجُمْلَةُ مَا قَالَهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ؛ أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الْخَلِيلِ ، أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَ الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ هَمْزَةً بَيْنَ بَيْنَ ، فَإِذَا كَانَ مَضْمُومًا جَعَلَ الْهَمْزَةَ بَيْنَ الْوَاوِ وَالْهَمْزَةِ. قَالَ: أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ ، (عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ).؛وَأَمَّا أَبُو عَمْرٍو فَيَقْرَأُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ، وَأَمَّا ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ فَإِنَّهُمْ يَجْمَعُونَ بَيْنَ الْهَمْزَتَيْنِ ، وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْهَمْزَتَيْنِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا فَأَكْثَرُ الْقُرَّاءِ عَلَى تَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ ، وَأَمَّا أَبُو عَمْرٍو فَإِنَّهُ يُحَقِّقُ الْهَمْزَةَ الثَّانِيَةَ فِي رِوَايَةِ سِيبَوَيْهِ ، وَيُخَفِّفُ الْأُولَى فَيَجْعَلُهَا بَيْنَ الْوَاوِ وَالْهَمْزَةِ ، فَيَقُولُ: السُّفَهَاءُ أَلَا ، وَيَقْرَأُ (مَنْ في السَّمَاءِ أَنْ) فَيُحَقِّقُ الثَّانِيَةَ ، وَأَمَّا سِيبَوَيْهِ وَالْخَلِيلُ فَيَقُولَانِ: (السُّفَهَاءُ وَلَا) يَجْعَلَانِ الْهَمْزَةَ الثَّانِيَةَ وَاوًا خَالِصَةً. وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ في السَّمَاءِ يَنْ) يَاء ً خَالِصَةً ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.؛قَالَ: وَمِمَّا جَاءَ عَنِ الْعَرَبِ فِي تَحْقِيقِ الْهَمْزِ وَتَلْيِينِهِ وَتَحْوِيلِهِ وَحَذْفِهِ ، قَالَ أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ: الْهَمْزُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: التَّحْقِيقُ وَالتَّخْفِيفُ وَالتَّحْوِيلُ. فَالتَّحْقِيقُ مِنْهُ أَنْ تُعْطَى الْهَمْزَةُ حَقَّهَا مِنَ الْإِشْبَاعِ ، فَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ إِشْبَاعَ الْهَمْزَةِ ، فَاجْعَلِ الْعَيْنَ فِي مَوْضِعِهَا ، كَقَوْلِكَ مِنَ الْخَبْءِ: قَدْ خَبَأْتُ لَكَ بِوَزْنِ خَبَعْتُ لَكَ ، وَقَرَأْتُ بِوَزْنِ قَرَعْتُ ، فَأَنَا أَخْبَغُ وَأَقْرَعُ ، وَأَنَا خَابِعٌ وَخَابِئٌ وَقَارِئٌ نَحْوَ قَارِعٍ ، بَعْدَ تَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ بِالْعَيْنِ ، كَم َا وَصَفْتُ لَكَ. قَالَ: وَالتَّخْفِيفُ مِنَ الْهَمْزِ إِنَّمَا سَمَّوْهُ تَخْفِيفًا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْطَ حَقَّهُ مِنَ الْإِعْرَابِ وَالْإِشْبَاعِ ، وَهُوَ م ُشْرَبٌ هَمْزًا ، تُصْرَفُ فِي وُجُوهِ الْعَرَبِيَّةِ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْحُرُوفِ الَّتِي تُحَرَّكُ ، كَقَوْلِكَ: خَبَاتُ وَقَرَاتُ ، فَجَعَلَ الْهَمْزَةَ أ َلِفًا سَاكِنَةً عَلَى سُكُونِهَا فِي التَّحْقِيقِ ، إِذَا كَانَ مَا قَبْلَهَا مَفْتُوحًا ، وَهِيَ كَسَائِرِ الْحُرُوفِ الَّتِي يَدْخُلُهَا التَّحْرِيكُ ، كَقَو ْلِكَ: لَمْ يَخْبَإِ الرَّجُلُ ، وَلَمْ يَقْرَإِ الْقُرْآنَ ، فَكَسَرَ الْأَلِفَ مِنْ " يَخْبَإِ " وَ " يَقْرَإِ " لِسُكُونِ مَا بَعْدَهَا ، فَكَأَنَّكَ قُلْتَ لَمْ يَخْبَيَرَّ جُلُ وَلَمْ يَقْرَ يِلْقُرْآنَ ، وَهُوَ يَخْبُو وَيَقْرُو ، فَيَجْعَلُهَا وَاوًا مَضْمُومَةً فِي الْأَدْرَاجِ ، فَإِنْ وَقَفْتَهَا جَعَلْتَهَا أَلِف ًا غَيْرَ أَنَّكَ تُهَيِّئُهَا لِلضَّمَّةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُظْهِرَ ضَمَّتَهَا فَتَقُولُ: مَا أَخْبَأَهُ وَأَقْرَأَهُ ، فَتُحَرِّكَ الْأَلِفَ بِفَتْحٍ لِبَقِي َّةِ مَا فِيهَا مِنَ الْهَمْزَةِ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ ، وَأَمَّا التَّحْوِيلُ مِنَ الْهَمْزِ ، فَإِنْ تَحَوَّلَ الْهَمْزُ إِلَى الْيَاءِ وَالْوَاوِ ، كَقَوْلِكَ: قَدْ خَبَيْتُ الْمَتَاعَ فَهُوَ مَخْبِيٌّ ، فَهُوَ يَخْبَاهُ ، فَاعْلَمْ ، فَيَجْعَلُ الْيَاءَ أَلِفًا حَيْثُ كَانَ قَبْلَهَا فَتْحَةٌ نَحْوَ أَلِفِ يَسْعَى وَيَ خْشَى ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا مَفْتُوحٌ.؛قَالَ: وَتَقُولُ رَفَوْتُ الثَّوْبَ رَفْوًا ، فَحُوِّلَتِ الْهَمْزَةُ وَاوًا كَمَا تَرَى ، وَتَقُولُ: لَمْ يَخْبُ عَنِّي شَيْئًا. فَتُسْقِطُ مَوْضِعَ اللَّامِ م ِنْ نَظِيرِهَا مِنَ الْفِعْلِ لِلْإِعْرَابِ ، وَتَدَعُ مَا بَقِيَ عَلَى حَالِهِ مُتَحَرِّكًا ، وَتَقُولُ: مَا أَخْبَاهُ. فَتُسَكِّنُ الْأَلِفَ الْمُحَوَّلَةَ كَ مَا أَسْكَنْتَ الْأَلِفَ مِنْ قَوْلِكَ: مَا أَخْشَاهُ وَأَسْعَاهُ.؛قَالَ: وَمِنْ مُحَقِّقِ الْهَمْزِ قَوْلُكَ لِلرَّجُلِ: يَلْؤُمُ. كَأَنَّكَ قُلْتَ: يَلْعُمُ ، إِذَا كَانَ بَخِيلًا ، وَأَسَدٌ يَزْئَرُ كَقَوْلِكَ يَزْعَرُ ، فَإ ِذَا أَرَدْتَ التَّخْفِيفَ قُلْتَ لِلرَّجُلِ: يَلُمُ. وَلِلْأَسَدِ: يَزِرُ. عَلَى أَنْ أَلْقَيْتَ الْهَمْزَةَ مِنْ قَوْلِكَ يَلْؤُمُ وَيَزْئِرُ ، وَحَرَّكْتَ م َا قَبْلَهَا بِحَرَكَتِهَا عَلَى الضَّمِّ وَالْكَسْرِ ، إِذَا كَانَ مَا قَبْلَهَا سَاكِنًا ؛ فَإِذَا أَرَدْتَ تَحْوِيلَ الْهَمْزَةِ مِنْهَا قُلْتَ لِلرَّجُلِ يَ لُومُ فَجَعَلْتَهَا وَاوًا سَاكِنَةً ؛ لِأَنَّهَا تَبِعَتْ ضَمَّةً ، وَالْأَسَدُ يَزِيرُ فَجَعَلْتَهَا يَاءً لِلْكَسْرَةِ قَبْلَهَا نَحْوَ: يَبِيعُ وَيَخِيطُ ؛ وَكَذَلِكَ كُلُّ هَمْزَةٍ تَبِعَتْ حَرْفًا سَاكِنًا عَدَلَتْهَا إِلَى التَّخْفِيفِ ، فَإِنَّكَ تُلْقِيهَا وَتُحَرِّكُ بِحَرَكَتِهَا الْحَرْفَ السَّاكِنَ قَبْل َهَا ، كَقَوْلِكَ لِلرَّجُلِ: سَلْ ، فَتَحْذِفُ الْهَمْزَةَ وَتُحَرِّكُ مَوْضِعَ الْفَاءِ مِنْ نَظِيرِهَا مِنَ الْفِعْلِ بِحَرَكَتِهَا ، وَأَسْقَطْتَ أَلِفَ الْ وَصْلِ ؛ إِذْ تَحَرَّكَ مَا بَعْدَهَا ، وَإِنِّمَا يَجْتَلِبُونَهَا لِلْإِسْكَانِ ، فَإِذَا تَحَرَّكَ مَا بَعْدَهَا لَمْ يَحْتَاجُوا إِلَيْهَا. وَقَالَ رُؤْبَةُ؛وَأَنْتَ يَا بَا مُسْلِمٍ وَفَيْتَا؛تَرَكَ الْهَمْزَةَ ، وَكَانَ وَجْهُ الْكَلَامِ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ ؛ فَحَذَفَ الْهَمْزَةَ وَهِيَ أَصْلِيَّةٌ ، كَمَا قَالُوا لَا أَبَ لَكَ ، وَلَا ابَا لَكَ ، وَلَا بَا لَكَ ، وَلَابَ لِغَيْرِكَ ، وَلَا بَا لِشَانِئِكَ.؛وَمِنْهَا نَوْعٌ آخَرُ مِنَ الْمُحَقِّقِ ، وَهُوَ قَوْلُكَ مِنْ رَأَيْتُ ، وَأَنْتَ تَأْمُرُ: إِرْأَ ، كَقَوْلِكَ: إِرْعَ زَيْدًا ، فَإِذَا أَرَدْتَ التَّخْفِيف َ قُلْتَ: رَ زَيْدًا ، فَتُسْقِطُ أَلِفَ الْوَصْلِ لِتُحَرِّكَ مَا بَعْدَهَا.؛قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَسَمِعْتُ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: يَا فُلَانُ نُويَكَ ؛ عَلَى التَّخْفِيفِ ، وَتَحْقِيقُهُ نُؤْيَكَ ، كَقَوْلِكَ إِبْغِ بَغْيَكَ ، إِذَا أَمَرَهُ أَنْ يَجْ عَلَ نَحْوَ خِبَائِهِ نُؤْيًا كَالطَّوْقِ يَصْرِفُ عَنْهُ مَاءَ الْمَطَرِ.؛قَالَ: وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ: رَأَيْتُ الرَّجُلَ ، فَإِذَا أَرَدْتَ التَّخْفِيفَ قُلْتَ: رَايْتُ ، فَحَرَّكْتَ الْأَلِفَ بِغَيْرِ إِشْبَاعِ هَمْزٍ ، وَلَمْ تُس ْقِطِ الْهَمْزَةَ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا مُتَحَرِّكٌ ، وَتَقُولُ لِلرَّجُلِ: تَرَأَّى ذَلِكَ عَلَى التَّحْقِيقِ.؛ وَعَامَّةُ كَلَامِ الْعَرَبِ فِي يَرَى وَتَرَى وَارَى وَنَرَى ؛ عَلَى التَّخْفِيفِ ، لَمْ تَزِدْ عَلَى أَنْ أَلْقَتِ الْهَمْزَةَ مِنَ الْكَلِمَةِ ، وَجَعَلَتْ حَ رَكَتَهَا بِالضَّمِّ عَلَى الْحَرْفِ السَّاكِنِ قَبْلَهَا.؛قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَاعْلَمْ أَنَّ وَاوَ فَعُولٍ وَمَفْعُولٍ ، وَيَاءَ فَعِيلٍ ، وَيَاءَ التَّصْغِيرِ لَا يَعْتَقِبْنَ الْهَمْزَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ ؛ لِأَنَّ الْأَسْمَاءَ ط ُوِّلَتْ بِهَا ، كَقَوْلِكَ فِي التَّحْقِيقِ: هَذِهِ خَطِيئَةٌ ، كَقَوْلِكَ خَطِيعَةٌ ، فَإِذَا أَبْدَلْتَهَا إِلَى التَّخْفِيفِ قُلْتَ: هَذِهِ خَطِيَّةٌ ، جَعَ لْتَ حَرَكَتَهَا يَاءً لِلْكَسْرَةِ ؛ وَتَقُولُ: هَذَا رَجُلٌ خَبُوءٌ ، كَقَوْلِكَ خُبُوعٌ ، فَإِذَا خَفَّفْتَ قُلْتَ: رَجُلٌ خُبُوٌ ، فَتَجْعَلُ الْهَمْزَةَ وَا وًا لِلضَّمَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا ، وَجَعَلْتَهَا حَرْفًا ثَقِيلًا فِي وَزْنِ حَرْفَيْنِ مَعَ الْوَاوِ الَّتِي قَبْلَهَا ، وَتَقُولُ: هَذَا مَتَاعٌ مَخْبُوءٌ بِ وَزْنِ مَخْبُوعٍ ، فَإِذَا خُفِّفَتْ. قُلْتَ: مَتَاعٌ مَخْبُوٌّ ، فَحُوِّلَتِ الْهَمْزَةُ وَاوًا لِلضَّمَّةِ قَبْلَهَا.؛قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُدْغِمُ الْوَاوَ فِي الْوَاوِ وَيُشَدِّدُهَا ، فَيَقُولُ: مَخْبُوٌّ. قَادَ أَبُو زَيْدٍ: تَقُولُ رَجُلٌ بَرَاءٌ مِنَ الشِّرْكِ ، كَقَوْلِكَ: بَرَاعٌ ، فَإِذَا عَدَلْتَهَا إِلَى التَّخْفِيفِ قُلْتَ: بَرَاوٍ ، فَتَصِيرُ الْهَمْزَةُ وَاوًا لِأَنَّهَا م َضْمُومَةٌ ، وَتَقُولُ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ بَرَايٍ ، فَتَصِيرُ يَاءً عَلَى الْكَسْرَةِ ، وَرَأَيْتُ رَجُلًا بَرَايَا ، فَتَصِيرُ أَلِفًا ؛ لِأَنَّهَا مَفْتُوحَةٌ. وَمِنْ تَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ قَوْلُهُمْ: هَذَا غِطَاءٌ وَكِسَاءٌ وَخِبَاءٌ ، فَتَهْمِزُ مَوْضِعَ اللَّامِ مِنْ نَظِيرِهَا مِنَ الْفِعْلِ ؛ لِأَنَّهَا غَايَةٌ ، وَقَبْلَهَا أَلِفٌ سَاكِنَةٌ ، كَقَوْلِهِمْ: هَذَا غِطَاعٌ وَكِسَاعٌ وَخِبَاعٌ ، فَالْعَيْنُ مَوْضِعُ الْهَمْزَةِ ، فَإِذَا جَمَعْتَ الِاثْنَيْنِ عَلَى سُنَّة ِ الْوَاحِدِ فِي التَّحْقِيقِ ، قُلْتَ: هَذَانِ غِطَاآنِ وَكِسَاآنِ وَخِبَاآنِ ، كَقَوْلِكَ: غِطَاعَانِ وَكِسَاعَانِ وَخِبَاعَانِ ، فَتَهْمِزُ الِاثْنَيْنِ عَل َى سُنَّةِ الْوَاحِدِ ؛ وَإِذَا أَرَدْتَ التَّخْفِيفَ قُلْتَ: هَذَا غِطَاوٌ وَكِسَاوٌ وَخِبَاوٌ ، فَتَجْعَلُ الْهَمْزَةَ وَاوًا ؛ لِأَنَّهَا مَضْمُومَةٌ ؛ وَإِن ْ جَمَعْتَ الِاثْنَيْنِ بِالتَّخْفِيفِ عَلَى سُنَّةِ الْوَاحِدِ قُلْتَ: هَذَانِ غِطَاأَنِ وَكِسَاأَنِ وَخِبَاأَنِ ، فَتُحَرِّكَ الْأَلِفَ الَّتِي فِي مَوْضِعِ اللَّامِ مِنْ نَظِيرِهَا مِنَ الْفِعْلِ ، بِغَيْرِ إِشْبَاعٍ ؛ لِأَنَّ فِيهَا بَقِيَّةً مِنَ الْهَمْزَةِ ، وَقَبْلَهَا أَلِفٌ سَاكِنَةٌ ، فَإِذَا أَرَدْتَ تَحْوِ يلَ الْهَمْزَةِ قُلْتَ: هَذَا غِطَاوٌ وَكِسَاوٌ ؛ لِأَنَّ قَبْلَهَا حَرْفًا سَاكِنًا وَهِيَ مَضْمُومَةٌ ؛ وَكَذَلِكَ الْفَضَاءُ: هَذَا فَضَاوٍ ، عَلَى التَّحْوِ يلِ ؛ لِأَنَّ ظُهُورَ الْوَاوِ هَاهُنَا أَخَفُّ مِنْ ظُهُورِ الْيَاءِ ، وَتَقُولُ فِي الِاثْنَيْنِ إِذَا جَمَعْتَهُمَا عَلَى سُنَّةِ تَحْوِيلِ الْوَاوِ: هُمَا غِ طَاوَانِ وَكِسَاوَانِ وَخِبَاوَانِ وَفِضَاوَانِ.؛قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ بَنِي فَزَارَةَ يَقُولُ: هُمَا كِسَايَانِ وَخِبَايَانِ وَفِضَايَانِ ، فَيُحَوِّلُ الْوَاوَ إِلَى الْيَاءِ. قَالَ: وَالْوَاوُ فِي هَذِهِ الْحُرُوفِ أَكْثَرُ فِي الْكَلَامِ.؛قَالَ: وَمِنْ تَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ قَوْلُكَ: يَا زَيْدُ مَنْ أَنْتَ ، كَقَوْلِكَ مَنْ عَنَتْ ، فَإِذَا عَدَلْتَ الْهَمْزَةَ إِلَى التَّخْفِيفِ قُلْتَ: يَا زَيْ دُ مَنَ نْتَ ، كَأَنَّكَ قُلْتَ: مَنَنْتَ ؛ لِأَنَّكَ أَسْقَطْتَ الْهَمْزَةَ مِنْ " أَنْتَ " وَحَرَّكْتَ مَا قَبْلَهَا بِحَرَكَتِهَا ، وَلَمْ يَدْخُلْهُ إِدْغَامٌ ؛ لِأَنَّ النُّونَ الْأَخِيرَةَ سَاكِنَةٌ وَالْأُولَى مُتَحَرِّكَةٌ ؛ وَتَقُولُ: مَنْ أَنَا ، كَقَوْلِكَ: مَنْ عَنَا عَلَى التَّحْقِيقِ ، فَإِذَا أَرَدْتَ التَّ خْفِيفَ قُلْتَ: يَا زَيْدُ مَنْ نَا ، كَأَنَّكَ قُلْتَ: يَا زَيْدُ مَنَّا ، أَدْخَلْتَ النُّونَ الْأُولَى فِي الْآخِرَةِ ، وَجَعَلْتَهُمَا حَرْفًا وَاحِدًا ثَقِي لًا فِي وَزْنِ حَرْفَيْنِ ، لِأَنَّهُمَا مُتَحَرِّكَانِ فِي حَالِ التَّخْفِيفِ ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي خَفَّفُوا الْهَمْزَةَ مِنْ " لَكِنَّ أَنَا " فَصَارَتْ " لَكِنْ نَا " ، كَقَوْلِكَ: لَكِنَنَا ، ثُمَّ أَسْكَنُوا بَعْدَ التَّخْفِيفِ فَقَالُوا: لَكِنَّا.؛قَالَ: وَسَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا مِنْ قَيْسٍ يَقُولُ: يَا أَبَ أَقْبِلْ ، وَيَابَ أَقْبِلْ ، وَيَا أَبَةَ أَقْبِلْ ، وَيَابَةَ أَقْبِلْ ، فَأَلْقَى الْهَمْزَةَ مِنْ...؛وَمِنْ تَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ قَوْلُكَ: إِفْعَوْعَلْتُ مِنْ " وَأَيْتُ ": إِيأَوْأَيْتُ ، كَقَوْلِكَ: إِفْعَوْعَيْتُ ، فَإِذَا عَدَلْتَهُ عَلَى التَّخْفِيفِ قُلْ تَ: ايِوَيْتُ وَحْدَهَا ، وَوَيْتُ ، وَالْأُولَى مِنْهُمَا فِي مَوْضِعِ الْفَاءِ مِنَ الْفِعْلِ وَهِيَ سَاكِنَةٌ ، وَالثَّانِيَةُ هِيَ الزَّائِدَةُ فَحَرَّكْتَه َا بِحَرَكَةِ الْهَمْزَتَيْنِ قَبْلَهَا.؛وَثَقُلَ ظُهُورُ الْوَاوَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ ، فَهَمَزُوا الْأُولَى مِنْهُمَا ، وَلَوْ كَانَتِ الْوَاوُ الْأُولَى وَاوَ عَطْفٍ لَمْ يَثْقُلْ ظُهُورُهُمَا فِي الْكَلَامِ ، كَقَوْلِكَ: ذَهَبَ زَيْدٌ وَوَافِدٌ ، وَقَدِمَ عَمْرٌو وَوَاهِبٌ.؛قَالَ: إِذَا أَرَدْتَ تَحْقِيقَ " مُفْعَوْعِلٍ " مِنْ " وَأَيْتُ ". قُلْتَ: مُوأَوْئِي ، كَقَوْلِكَ: مُوعَوْعِي ، فَإِذَا عَدَلْتَ إِلَى التَّخْفِيفِ قُلْتَ: مُوَا وِي ، فَتُفْتَحُ الْوَاوُ الَّتِي فِي مَوْضِعِ الْفَاءِ بِفَتْحَةِ الْهَمْزَةِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ الْعَيْنِ مِنَ الْفِعْلِ ، وَتُكْسَرُ الْوَاوُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ الثَّابِتَةُ ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ الَّتِي بَعْدَهَا.؛قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ بَنِي عَجْلَانَ مِنْ قَيْسٍ يَقُولُ: رَأَيْتُ غُلَامِيَّبِيكَ ، وَرَأَيْتُ غُلَامِيَّسَدَ ، تُحَوَّلُ الْهَمْزَةُ الَّتِي فِي أَسَدٍ وَفِي أَبِيكَ إِلَى الْيَاءِ ، وَيُدْخِلُونَهَا فِي الْ يَاءِ الَّتِي فِي الْغُلَامَيْنِ ، الَّتِي هِيَ نَفْسُ الْإِعْرَابِ ، فَيَظْهَرُ يَاءٌ ثَقِيلَةٌ فِي وَزْنِ حَرْفَيْنِ ، كَأَنَّكَ قُلْتَ رَأَيْتُ غُلَامِيَّبِي كَ وَرَأَيْتُ غُلَامِيَّسَدَ.؛قَالَ وَسَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي كَلْبٍ يَقُولُ: هَذِهِ دَأْبَةٌ ، وَهَذِهِ امْرَأَةٌ شَأْبَةٌ ، فَهَمَزَ الْأَلِفَ فِيهِمَا ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ثَقُلَ عَلَيْهِ إِسْكَانُ الْحَرْفَيْنِ مَعًا ، وَإِنْ كَ انَ الْحَرْفُ الْآخِرُ مِنْهُمَا مُتَحَرِّكًا. وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ؛يَا عَجَبًا لَقَدْ رَأَيْتُ عَجَبَا حِمَارَ قَبَّانٍ يَسُوقُ أَرْنَبَا؛وَأَمَّهَا خَاطِمُهَا أَنْ تَذْهَبَا قَالَ أَبُو زَيْدٍ: أَهْلُ الْحِجَازِ وَهُذَيْلٌ وَأَهْلُ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ لَا يَنْبَرُونَ. وَقَفَ عَلَيْهَا عِيسَى بْنُ عُمَرَ فَقَالَ: مَا آخُذُ مِنْ قَوْلِ تَمِيمٍ إِلَّا بِالنَّبْرِ وَهُمْ أَصْحَابُ النَّبْرِ ، وَأَهْلُ الْحِجَازِ إِذَا اضْطُرُّوا نَبَرُوا. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُمَرَ الْهُذَلِيُّ: قَدْ تَوَضَيْتُ ، فَلَمْ يَهْمِزْ وَحَوَّلَهَا يَاءً ، وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِنْ بَابِ الْهَمْزِ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. حرف الهمزة؛نذكر في هذا الحرف الهمزة الأصلية التي هي لام الفعل ، فأما المبدلة من الواو نحو العزاء ، الذي أصله عزاو ؛ لأنه من " عزوت " ، أو المبدلة من الياء نحو الآباء ، الذي أصله " أباي " ؛ لأنه من أبيت ، فنذكره ف ي باب الواو والياء ، ونقدم هنا الحديث في الهمزة.؛قال الأزهري: اعلم أن الهمزة لا هجاء لها ، إنما تكتب مرة ألفا ومرة ياء ومرة واوا ، والألف اللينة لا حرف لها ، إ نما هي جزء من مدة بعد فتحة. والحروف ثمانية وعشرون حرفا مع الواو والألف والياء ، وتتم بالهمزة ت سعة وعشرين حرفا.؛والهمزة كالحرف الصحيح غير أن لها حالات من التليين والحذف والإبدال والتحقيق تعتل ، فألحقت بالأ حرف المعتلة الجوف ، وليست من الجوف ، إنما هي حلقية في أقصى الفم ؛ ولها ألقاب كألقاب الحروف الجوف ، فمنها همزة التأنيث ، كهمزة الحمراء والنفساء والعشراء والخشاء ، وكل منها مذكور في موضعه ؛ ومنها ا لهمزة الأصلية في آخر الكلمة مثل: الحفاء والبواء والوطاء والطواء ؛ ومنها الوحاء والباء والداء والإ يطاء في الشعر. هذه كلها همزها أصلي. ومنها همزة المدة المبدلة من الياء والواو: كهمزة السماء والب كاء والكساء والدعاء والجزاء وما أشبهها. ومنها الهمزة المجتلبة بعد الألف الساكنة نحو: همزة وائل و طائف ، وفي الجمع نحو: كتائب وسرائر. ومنها الهمزة الزائدة نحو: همزة الشمأل والشأمل والغرقئ. ومنه ا الهمزة التي تزاد لئلا يجتمع ساكنان ؛ نحو: اطمأن واشمأز وازبأر وما شاكلها. ومنها همزة الوقفة ف ي آخر الفعل لغة لبعض دون بعض نحو قولهم للمرأة: قولئ ، وللرجلين قولأ ، وللجميع قولؤ ، لهذا وصلوا ال كلام لم يهمزوا ، ويهمزون لا إذا وقفوا عليها. ومنها همزة التوهم كما روى الفراء عن بعض العرب أنهم ي همزون ما لا همز فيه إذا ضارع المهموز.؛قال: وسمعت امرأة من غني تقول: رثأت زوجي بأبيات ، كأنها لما سمعت رثأت اللبن ذهبت إلى أن مرثية الميت منها. قال: ويقولون لبأت بالحج وحلأت السويق فيغلطون ؛ لأن " حلأت " يقال في دفع العطشان عن ا لماء ، ولبأت يذهب بها اللبا. وقالوا: استنشأت الريح والصواب استنشيت ، ذهبوا به إلى قولهم: نشأ السحاب. ومنها الهمزة الأصلية الظاهرة نحو همز الخبء والدفء والكفء والعبء وما أشبهها ؛ ومنها اجتماع همز تين في كلمة واحدة نحو همزتي الرئاء والحاوئاء ؛ وأما الضياء فلا يجوز همز يائه ، والمدة الأخيرة فيه همزة أصلية من ضاء يضوء ضوءا. قال أبو العباس أحمد بن يحيى فيمن همز ما ليس بمهموز؛وكنت أرجي بئر نعمان حائرا فلوأ بالعينين والأنف حائر أراد لوى فهمز ، كما قال؛كمشترئ بالحمد ما لا يضيره؛قال أبو العباس: هذه لغة من يهمز ما ليس بمهموز. قال: والناس كلهم يقولون ، إذا كانت الهمزة طرفا وقبلها ساكن حذفوها ف ي الخفض والرفع ، وأثبتوها في النصب ، إلا الكسائي وحده ، فإنه يثبتها كلها.؛قال: لهذا كانت الهمزة وسطى أجمعوا كلهم على أن لا تسقط.؛قال: واختلف العلماء بأي صورة تكون الهمزة ، فقالت طائفة: نكتبها بحركة ما قبلها وهم الجماعة. وقال أ صحاب القياس: نكتبها بحركة نفسها ؛ واحتجت الجماعة بأن الخط ينوب عن اللسان.؛قال: وإنما يلزمنا أن نترجم بالخط ما نطق به اللسان. قال أبو العباس: وهذا هو الكلام.؛قال: ومنها اجتماع الهمزتين بمعنيين واختلاف النحويين فيهما. قال الله عز وجل: أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون من القراء من يحقق الهمزتين فيقرأ: (أأنذرتهم) قرأ به عاصم وحمزة والكسائي ، وقرأ أبو عمرو: (آأنذرتهم) مطولة ؛ وكذلك جميع ما أشبهه نحو قوله تعالى: (آأنت قلت للناس) ، (آألد وأنا عجوز) ، (آإله مع الله) وكذلك قرأ ابن كثير ونافع ويعقوب بهمزة مطولة ، وقرأ عبد الله بن أبي إسحاق: (آأنذرتهم) بألف بين الهمزتين ، وهي لغة سائرة بين العرب. قال ذو الرمة؛تطاللت فاستشرفته فعرفته فقلت له آأنت زيد الأرانب ؟؛وأنشد أحمد بن يحيى؛خرق إذا ما القوم أجروا فكاهة تذكر آإياه يعنون أم قردا ؟؛وقال الزجاج: زعم سيبويه أن من العرب من يحقق الهمزة ولا يجمع بين الهمزتين ، وإن كانتا من كلمتين. قال: وأهل الحجاز لا يحق قون واحدة منهما.؛وكان الخليل يرى تخفيف الثانية ، فيجعل الثانية بين الهمزة والألف ولا يجعلها ألفا خالصة. قال: ومن جعلها ألفا خال صة ، فقد أخطأ من جهتين ؛ إحداهما: أنه جمع بين ساكنين. والأخرى: أنه أبدل من همزة متحركة قبلها حركة ألفا ، والحركة الفتح. قال: وإنما حق الهمزة إذا تحركت وانفتح ما قبلها أن تجعل بين بين - أعن ي بين الهمزة وبين الحرف الذي منه حركتها - فتقول في سأل سأل ، وفي رؤف رؤف ، وفي بئس بئس ، وهذا في الخط واحد ، وإنما تحكمه بالمشافهة.؛قال: وكان غير الخليل يقول في مثل قوله: " فقد جاء أشراطها " أن تخفف الأولى.؛قال سيبويه: جماعة من العرب يقرأون: (فقد جاء أشراطها) ، يحققون الثانية ويخففون الأولى. قال وإلى هذا ذهب أبو عمرو بن العلاء.؛قال: وأما الخليل ، فإنه يقرأ بتحقيق الأولى وتخفيف الثانية.؛قال: وإنما اخترت تخفيف الثانية لاجتماع الناس على بدل الثانية في قولهم: آدم وآخر ، لأن الأصل في آدم " أأدم " ، وفي آخر " أأخر ".؛قال الزجاج: وقول الخليل أقيس ، وقول أبي عمرو جيد أيضا.؛وأما الهمزتان إذا كانتا مكسورتين ، نحو قوله: على البغاء إن أردن تحصنا ، وإذا كانتا مضمومتين نحو قوله: أولياء أولئك فإن أبا عمرو يخفف الهمزة الأولى منهما ، فيقول: على البغاء إن ، (وأولياء أولئك) ، فيجعل الهمزة الأولى في البغاء بين الهمزة والياء ويكسرها ، ويجعل الهمزة في قوله: أولياء أولئك الأولى بين الواو والهمزة ويضمها.؛قال: وجملة ما قاله في مثل هذه ثلاثة أقوال ؛ أحدها: وهو مذهب الخليل ، أن يجعل مكان الهمزة الثانية همزة بين بين ، فإذا كان مضموما جعل الهمزة بين الواو والهمزة. قال: أولياء أولئك ، (على البغاء إن).؛وأما أبو عمرو فيقرأ على ما ذكرنا ، وأما ابن أبي إسحاق وجماعة من القراء فإنهم يجمعون بين الهمزتين ، وأما اختلاف الهمزتين نحو قوله تعالى: كما آمن السفهاء ألا فأكثر القراء على تحقيق الهمزتين ، وأما أبو عمرو فإنه يحقق الهمزة الثانية في رواية سيبويه ، ويخفف الأولى فيجعلها بين الواو والهمزة ، فيقول: السفهاء ألا ، ويقرأ (من في السماء أن) فيحقق الثانية ، وأما سيبويه والخليل فيقولان: (السفهاء ولا) يجعلان الهمزة الثانية واوا خالصة. وفي قوله تعالى: (أأمنتم من في السماء ين) ياء خالصة ، والله أعلم.؛قال: ومما جاء عن العرب في تحقيق الهمز وتليينه وتحويله وحذفه ، قال أبو زيد الأنصاري: الهمز على ثلاثة أوجه: التحقيق والتخفيف والتحويل. فالتحقيق منه أن تعطى الهمزة حقها من الإشباع ، ف إذا أردت أن تعرف إشباع الهمزة ، فاجعل العين في موضعها ، كقولك من الخبء: قد خبأت لك بوزن خبعت لك ، وقرأت بوزن قرعت ، فأنا أخبغ وأقرع ، وأنا خابع وخابئ وقارئ نحو قارع ، بعد تحقيق الهمزة بالعين ، كم ا وصفت لك. قال: والتخفيف من الهمز إنما سموه تخفيفا ؛ لأنه لم يعط حقه من الإعراب والإشباع ، وهو م شرب همزا ، تصرف في وجوه العربية بمنزلة سائر الحروف التي تحرك ، كقولك: خبات وقرات ، فجعل الهمزة أ لفا ساكنة على سكونها في التحقيق ، إذا كان ما قبلها مفتوحا ، وهي كسائر الحروف التي يدخلها التحريك ، كقو لك: لم يخبإ الرجل ، ولم يقرإ القرآن ، فكسر الألف من " يخبإ " و " يقرإ " لسكون ما بعدها ، فكأنك قلت لم يخبير جل ولم يقر يلقرآن ، وهو يخبو ويقرو ، فيجعلها واوا مضمومة في الأدراج ، فإن وقفتها جعلتها ألف ا غير أنك تهيئها للضمة من غير أن تظهر ضمتها فتقول: ما أخبأه وأقرأه ، فتحرك الألف بفتح لبقي ة ما فيها من الهمزة كما وصفت لك ، وأما التحويل من الهمز ، فإن تحول الهمز إلى الياء والواو ، كقولك: قد خبيت المتاع فهو مخبي ، فهو يخباه ، فاعلم ، فيجعل الياء ألفا حيث كان قبلها فتحة نحو ألف يسعى وي خشى ؛ لأن ما قبلها مفتوح.؛قال: وتقول رفوت الثوب رفوا ، فحولت الهمزة واوا كما ترى ، وتقول: لم يخب عني شيئا. فتسقط موضع اللام م ن نظيرها من الفعل للإعراب ، وتدع ما بقي على حاله متحركا ، وتقول: ما أخباه. فتسكن الألف المحولة ك ما أسكنت الألف من قولك: ما أخشاه وأسعاه.؛قال: ومن محقق الهمز قولك للرجل: يلؤم. كأنك قلت: يلعم ، إذا كان بخيلا ، وأسد يزئر كقولك يزعر ، فإ ذا أردت التخفيف قلت للرجل: يلم. وللأسد: يزر. على أن ألقيت الهمزة من قولك يلؤم ويزئر ، وحركت م ا قبلها بحركتها على الضم والكسر ، إذا كان ما قبلها ساكنا ؛ فإذا أردت تحويل الهمزة منها قلت للرجل ي لوم فجعلتها واوا ساكنة ؛ لأنها تبعت ضمة ، والأسد يزير فجعلتها ياء للكسرة قبلها نحو: يبيع ويخيط ؛ وكذلك كل همزة تبعت حرفا ساكنا عدلتها إلى التخفيف ، فإنك تلقيها وتحرك بحركتها الحرف الساكن قبل ها ، كقولك للرجل: سل ، فتحذف الهمزة وتحرك موضع الفاء من نظيرها من الفعل بحركتها ، وأسقطت ألف ال وصل ؛ إذ تحرك ما بعدها ، وإنما يجتلبونها للإسكان ، فإذا تحرك ما بعدها لم يحتاجوا إليها. وقال رؤبة؛وأنت يا با مسلم وفيتا؛ترك الهمزة ، وكان وجه الكلام: يا أبا مسلم ؛ فحذف الهمزة وهي أصلية ، كما قالوا لا أب لك ، ولا ابا لك ، ولا با لك ، ولاب لغيرك ، ولا با لشانئك.؛ومنها نوع آخر من المحقق ، وهو قولك من رأيت ، وأنت تأمر: إرأ ، كقولك: إرع زيدا ، فإذا أردت التخفيف قلت: ر زيدا ، فتسقط ألف الوصل لتحرك ما بعدها.؛قال أبو زيد: وسمعت من العرب من يقول: يا فلان نويك ؛ على التخفيف ، وتحقيقه نؤيك ، كقولك إبغ بغيك ، إذا أمره أن يج عل نحو خبائه نؤيا كالطوق يصرف عنه ماء المطر.؛قال: ومن هذا النوع: رأيت الرجل ، فإذا أردت التخفيف قلت: رايت ، فحركت الألف بغير إشباع همز ، ولم تس قط الهمزة لأن ما قبلها متحرك ، وتقول للرجل: ترأى ذلك على التحقيق.؛ وعامة كلام العرب في يرى وترى وارى ونرى ؛ على التخفيف ، لم تزد على أن ألقت الهمزة من الكلمة ، وجعلت ح ركتها بالضم على الحرف الساكن قبلها.؛قال أبو زيد: واعلم أن واو فعول ومفعول ، وياء فعيل ، وياء التصغير لا يعتقبن الهمز في شيء من الكلام ؛ لأن الأسماء ط ولت بها ، كقولك في التحقيق: هذه خطيئة ، كقولك خطيعة ، فإذا أبدلتها إلى التخفيف قلت: هذه خطية ، جع لت حركتها ياء للكسرة ؛ وتقول: هذا رجل خبوء ، كقولك خبوع ، فإذا خففت قلت: رجل خبو ، فتجعل الهمزة وا وا للضمة التي قبلها ، وجعلتها حرفا ثقيلا في وزن حرفين مع الواو التي قبلها ، وتقول: هذا متاع مخبوء ب وزن مخبوع ، فإذا خففت. قلت: متاع مخبو ، فحولت الهمزة واوا للضمة قبلها.؛قال أبو منصور: ومن العرب من يدغم الواو في الواو ويشددها ، فيقول: مخبو. قاد أبو زيد: تقول رجل براء من الشرك ، كقولك: براع ، فإذا عدلتها إلى التخفيف قلت: براو ، فتصير الهمزة واوا لأنها م ضمومة ، وتقول: مررت برجل براي ، فتصير ياء على الكسرة ، ورأيت رجلا برايا ، فتصير ألفا ؛ لأنها مفتوحة. ومن تحقيق الهمزة قولهم: هذا غطاء وكساء وخباء ، فتهمز موضع اللام من نظيرها من الفعل ؛ لأنها غاية ، وقبلها ألف ساكنة ، كقولهم: هذا غطاع وكساع وخباع ، فالعين موضع الهمزة ، فإذا جمعت الاثنين على سنة الواحد في التحقيق ، قلت: هذان غطاآن وكساآن وخباآن ، كقولك: غطاعان وكساعان وخباعان ، فتهمز الاثنين عل ى سنة الواحد ؛ وإذا أردت التخفيف قلت: هذا غطاو وكساو وخباو ، فتجعل الهمزة واوا ؛ لأنها مضمومة ؛ وإن جمعت الاثنين بالتخفيف على سنة الواحد قلت: هذان غطاأن وكساأن وخباأن ، فتحرك الألف التي في موضع اللام من نظيرها من الفعل ، بغير إشباع ؛ لأن فيها بقية من الهمزة ، وقبلها ألف ساكنة ، فإذا أردت تحو يل الهمزة قلت: هذا غطاو وكساو ؛ لأن قبلها حرفا ساكنا وهي مضمومة ؛ وكذلك الفضاء: هذا فضاو ، على التحو يل ؛ لأن ظهور الواو هاهنا أخف من ظهور الياء ، وتقول في الاثنين إذا جمعتهما على سنة تحويل الواو: هما غ طاوان وكساوان وخباوان وفضاوان.؛قال أبو زيد: وسمعت بعض بني فزارة يقول: هما كسايان وخبايان وفضايان ، فيحول الواو إلى الياء. قال: والواو في هذه الحروف أكثر في الكلام.؛قال: ومن تحقيق الهمزة قولك: يا زيد من أنت ، كقولك من عنت ، فإذا عدلت الهمزة إلى التخفيف قلت: يا زي د من نت ، كأنك قلت: مننت ؛ لأنك أسقطت الهمزة من " أنت " وحركت ما قبلها بحركتها ، ولم يدخله إدغام ؛ لأن النون الأخيرة ساكنة والأولى متحركة ؛ وتقول: من أنا ، كقولك: من عنا على التحقيق ، فإذا أردت الت خفيف قلت: يا زيد من نا ، كأنك قلت: يا زيد منا ، أدخلت النون الأولى في الآخرة ، وجعلتهما حرفا واحدا ثقي لا في وزن حرفين ، لأنهما متحركان في حال التخفيف ، ومثله قوله تعالى: لكنا هو الله ربي خففوا الهمزة من " لكن أنا " فصارت " لكن نا " ، كقولك: لكننا ، ثم أسكنوا بعد التخفيف فقالوا: لكنا.؛قال: وسمعت أعرابيا من قيس يقول: يا أب أقبل ، وياب أقبل ، ويا أبة أقبل ، ويابة أقبل ، فألقى الهمزة من...؛ومن تحقيق الهمزة قولك: إفعوعلت من " وأيت ": إيأوأيت ، كقولك: إفعوعيت ، فإذا عدلته على التخفيف قل ت: ايويت وحدها ، وويت ، والأولى منهما في موضع الفاء من الفعل وهي ساكنة ، والثانية هي الزائدة فحركته ا بحركة الهمزتين قبلها.؛وثقل ظهور الواوين مفتوحتين ، فهمزوا الأولى منهما ، ولو كانت الواو الأولى واو عطف لم يثقل ظهورهما في الكلام ، كقولك: ذهب زيد ووافد ، وقدم عمرو وواهب.؛قال: إذا أردت تحقيق " مفعوعل " من " وأيت ". قلت: موأوئي ، كقولك: موعوعي ، فإذا عدلت إلى التخفيف قلت: موا وي ، فتفتح الواو التي في موضع الفاء بفتحة الهمزة التي في موضع العين من الفعل ، وتكسر الواو الثانية وهي الثابتة ، بكسر الهمزة التي بعدها.؛قال أبو زيد: وسمعت بعض بني عجلان من قيس يقول: رأيت غلاميبيك ، ورأيت غلاميسد ، تحول الهمزة التي في أسد وفي أبيك إلى الياء ، ويدخلونها في ال ياء التي في الغلامين ، التي هي نفس الإعراب ، فيظهر ياء ثقيلة في وزن حرفين ، كأنك قلت رأيت غلاميبي ك ورأيت غلاميسد.؛قال وسمعت رجلا من بني كلب يقول: هذه دأبة ، وهذه امرأة شأبة ، فهمز الألف فيهما ، وذلك أنه ثقل عليه إسكان الحرفين معا ، وإن ك ان الحرف الآخر منهما متحركا. وأنشد الفراء؛يا عجبا لقد رأيت عجبا حمار قبان يسوق أرنبا؛وأمها خاطمها أن تذهبا قال أبو زيد: أهل الحجاز وهذيل وأهل مكة والمدينة لا ينبرون. وقف عليها عيسى بن عمر فقال: ما آخذ من قول تميم إلا بالنبر وهم أصحاب النبر ، وأهل الحجاز إذا اضطروا نبروا. قال: وقال أبو عمر الهذلي: قد توضيت ، فلم يهمز وحولها ياء ، وكذلك ما أشبه هذا من باب الهمز. والله تعالى أعلم.
المعجم: لسان العرب

باج

المعنى: باج: الْبَاجُ: التُّبَّانُ. وَالنَّاسُ بَاجٌ وَاحِدٌ أَيْ شَيْءٌ وَاحِدٌ. وَجَعَلَ الْكَلَامَ بَاجًا وَاحِدًا أَيْ وَجْهًا وَاحِدًا. ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْبَاجُ ، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ ، وَهُوَ الطَّرِيقَةُ مِنَ الْمَحَاجِّ الْمُسْتَوِيَةِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَأَجْعَلَنَّ النَّاسَ بَاجًا وَاحِدًا ، أَيْ طَرِيقَةً وَاحِدَةً فِي الْعَطَاءِ ، وَيُجْمَعُ بَاجٌ عَلَى أَبْوَاجٍ. ابْنُ السِّكِّيتِ: اجْعَلْ هَذَا الشَّيْءَ بَاجًا وَاحِدًا ، قَالَ: وَيُقَالُ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَيْ طَرِيقَةً وَاحِدَةً ، قَالَ: وَمِثْلُهُ الْجَاشُ وَالْفَاسُ وَالْكَاسُ وَالرَّاسُ. الْجَوْهَرِيُّ: قَوْلُهُمُ اجْعَلِ الْبَاجَاتِ بَاجًا وَاحِدًا أَيْ ضَرْبًا وَاحِدًا وَلَوْنًا وَاحِدًا ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ وَأَصْلُهُ بِالْفَارِسِيَّةِ بَاهَا أَيْ أَلْوَانُ ا لْأَطْعِمَةِ.
المعجم: لسان العرب

با

المعنى: با: الْبَاءُ حَرْفُ هِجَاءٍ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ ، وَأَكْثَرُ مَا تَرِدُ بِمَعْنَى الْإِلْصَاقِ لِمَا ذُكِرَ قَبْلَهَا مِنِ اسْمٍ أَوْ فِعْلٍ بِمَا انْضَمَّ تْ إِلَيْهِ ، وَقَدْ تَرِدُ بِمَعْنَى الْمُلَابَسَةِ وَالْمُخَالَطَةِ ، وَبِمَعْنَى مِنْ أَجْلِ ، وَبِمَعْنَى فِي وَمِنْ وَعَنْ وَمَعَ ، وَبِمَعْنَى الْحَالِ وَا لْعِوَضِ ، وَزَائِدَةً ، وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْسَامِ قَدْ جَاءَتْ فِي الْحَدِيثِ ، وَتُعْرَفُ بِسِيَاقِ اللَّفْظِ الْوَارِدَةِ فِيهِ ، وَالْبَاءُ الَّتِي تَأْتِ ي لِلْإِلْصَاقِ كَقَوْلِكَ: أَمْسَكْتُ بِزَيْدٍ ، وَتَكُونُ لِلِاسْتِعَانَةِ كَقَوْلِكَ: ضَرَبْتُ بِالسَّيْفِ ، وَتَكُونُ لِلْإِضَافَةِ كَقَوْلِكَ: مَرَرْتُ ب ِزَيْدٍ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَمَّا مَا يَحْكِيهِ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الْبَاءَ لِلتَّبْعِيضِ فَشَيْءٌ لَا يَعْرِفُهُ أَصْحَابُنَا وَلَا وَرَدَ بِهِ بَيْتٌ ، وَتَكُونُ لِلْقَسَمِ كَقَوْلِكَ: بِاللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ. وَق َوْلِهِ تَعَالَى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ ، إِنَّمَا جَاءَتِ الْبَاءُ فِي حَيِّزِ لَمْ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى مَا وَلَيْسَ ، وَدَخَلَتِ الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: أَشْرَكُوا بِاللَّهِ, لِأَنَّ مَعْنَى أَشْرَكَ بِاللَّهِ قَرَنَ بِاللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - غَيْرَهُ ، وَفِيهِ إِضْمَارٌ. وَالْبَاءُ لِلْإِلْصَاقِ وَالْقِرَانِ ، وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ: وَكَّلْتُ بِفُلَانٍ ، مَعْنَاهُ: قَرَنْتُ بِهِ وَكِيلًا. وَقَالَ النَّحْوِيُّونَ: الْجَالِبُ لِلْبَاءِ فِي بِسْمِ اللَّهِ مَعْنَى الِابْتِدَاءِ ، كَأَنَّهُ قَ الَ: أَبْتَدِئُ بِاسْمِ اللَّهِ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُهُ يَشْتَدُّ بَيْنَ الْهَدَفَيْنِ فِي قَمِيصٍ فَإِذَا أَصَابَ خَصْلَةً يَقُولُ: أَنَا بِهَا أَنَا بِهَا ، يَعْنِي: إِذَا أَصَابَ الْهَدَفَ قَالَ: أَنَا صَاحِبُهَا ، ثُمَّ يَرْجِعُ مُسَكِّنًا قَوْمَهُ حَتَّى يَمُرَّ فِي السُّوقِ ، قَالَ شَمِرٌ: قَوْلُهُ أَنَا بِهَا يَقُولُ أَنَا صَاحِبُهَا. وَفِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ: أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ أَنَّ رَجُلًا ظَاهَرَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ وَقَعَ عَلَيْهَا ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَعَلَّكَ بِذَلِكَ يَا سَلَمَةُ ؟ " فَقَالَ: نَعَمْ أَنَا بِذَلِكَ ، يَقُولُ: لَعَلَّكَ صَاحِبُ الْأَمْرِ ، وَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: لَعَلَّكَ الْمُبْتَلَى بِذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ أُتِيَ بِامْرَأَةٍ قَدْ زَنَتْ فَقَالَ: مَنْ بِكِ ؟ أَيْ: مَنِ الْفَاعِلُ بِكِ ؟ يَقُولُ: مَنْ صَاحِبُكِ. وَفِي حَدِيثِ الْجُمُعَةِ: " مَنْ تَوَضَّأَ لِلْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ " ، أَيْ فَبِالرُّخْصَةِ أَخَذَ, لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي الْجُمُعَةِ الْغُسْلُ ، فَأَضْمَرَ تَقْدِيرَهُ وَنِعْمَتِ الْخَصْلَةُ هِيَ فَحَذَفَ الْمَخْصُوصَ بِالْمَد ْحِ ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ فَبِالسُّنَّةِ أَخَذَ ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ، الْبَاءُ هَاهُنَا لِلِالْتِبَاسِ وَالْمُخَالَطَةِ ، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ أَيْ مُخْتَلِطَةً وَمُلْتَبِسَةً بِهِ ، وَمَعْنَاهُ: اجْعَلْ تَسْبِيحَ اللَّهِ مُخْتَلِطًا وَمُلْتَبِسًا بِحَمْدِهِ ، وَقِيلَ: الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ كَمَا يُ قَالُ: اذْهَبْ بِهِ ، أَيْ خُذْهُ مَعَكَ فِي الذَّهَابِ كَأَنَّهُ قَالَ: سَبِّحْ رَبَّكَ مَعَ حَمْدِكَ إِيَّاهُ. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: " سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ". أَيْ وَبِحَمْدِهِ سَبَّحْتُ ، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الْبَاءِ الْمُفْرَدَةِ عَلَى تَقْدِيرِ عَامِلٍ مَحْذُوفٍ ، قَالَ شَمِرٌ: وَيُقَالُ لَمَّا رَآنِي بِالسِّلَاحِ هَرَبَ ، مَعْنَاهُ لَمَّا رَآنِي أَقْبَلْتُ بِالسِّلَاحِ وَلَمَّا رَآنِي صَاحِبَ سِلَاحٍ ، وَقَالَ حُمَيْدٌ؛رَأَتْنِي بِحَبْلَيْهَا فَرَدَّتْ مَخَافَةً؛أَرَادَ: لَمَّا رَأَتْنِي أَقْبَلْتُ بِحَبْلَيْهَا. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ، أَدْخَلَ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِإِلْحَادٍ ؛ لِأَنَّهَا حَسُنَتْ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ يُرِدْ بِأَنْ يُلْحِدَ فِيهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ ، قِيلَ: ذَهَبَ بِالْبَاءِ إِلَى الْمَعْنَى لِأَنَّ الْمَعْنَى يَرْوَى بِهَا عِبَادُ اللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ، أَرَادَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - سَأَلَ عَنْ عَذَابٍ وَاقِعٍ ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ، دَخَلَتِ الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: وَكَفَى بِاللَّهِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْمَدْحِ وَالدَّلَالَةِ عَلَى قَصْدِ سَبِيلِهِ ، كَمَا قَالُوا: أَظْرِفْ بِعَبْدِ اللَّهِ وَأَنْبِلْ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فَأَدْخَلُوا ا لْبَاءَ عَلَى صَاحِبِ الظُّرْفِ وَالنُّبْلِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْمَدْحِ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: نَاهِيكَ بِأَخِينَا وَحَسْبُكَ بِصَدِيقِنَا ، أَدْخَلُوا الْ بَاءَ لِهَذَا الْمَعْنَى ، قَالَ: وَلَوْ أَسْقَطْتَ الْبَاءَ لَقُلْتَ: كَفَى اللَّهُ شَهِيدًا ، قَالَ: وَمَوْضِعُ الْبَاءِ رَفْعٌ فِي قَوْلِهِ: كَفَى بِاللَّهِ ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: انْتِصَابُ قَوْلِهِ شَهِيدًا عَلَى الْحَالِ مِنَ اللَّهِ أَوْ عَلَى الْقَطْعِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى التَّفْسِيرِ ، مَعْنَاهُ كَفَى بِاللَّهِ مِنَ الشَّاهِدِينَ فَيَجْرِي فِي بَابِ الْمَنْصُوبَاتِ مَجْرَى الدِّرْهَمِ فِي قَوْلِهِ عِنْدِي عِشْرُونَ دِرْهَمًا ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ: فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا ، أَيْ سَلْ عَنْهُ خَبِيرًا يُخْبِرْكَ ، وَقَالَ عَلْقَمَةُ؛فَإِنْ تَسْأَلُونِي بِالنِّسَاءِ ، فَإِنَّنِي بَصِيرٌ بِأَدْوَاءِ النِّسَاءِ طَبِيبُ؛أَيْ تَسْأَلُونِي عَنِ النِّسَاءِ ، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ أَيْ مَا خَدَعَكَ عَنْ رَبِّكَ الْكَرِيمِ وَالْإِيمَانِ بِهِ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ، أَيْ خَدَعَكُمْ عَنِ اللَّهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ وَالطَّاعَةِ لَهُ الشَّيْطَانُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ: أَرْجُو بِذَلِكَ ، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: أَرْجُو ذَاكَ ، وَهُوَ كَمَا تَقُولُ: يُعْجِبُنِي بِأَنَّكَ قَائِمٌ ، وَأُرِيد ُ لِأَذْهَبَ ، مَعْنَاهُ: أُرِيدُ أَذْهَبُ. الْجَوْهَرِيُّ: الْبَاءُ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ ، قَالَ: وَأَمَّا الْمَكْسُورَةُ فَحَرْفُ جَرٍّ وَهِيَ لِإِلْصَاقِ الْفِعْلِ بِالْمَفْعُولِ بِهِ ، تَقُولُ: مَرَرْتُ بِ زَيْدٍ ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مَعَ اسْتِعَانَةٍ ، تَقُولُ: كَتَبْتُ بِالْقَلَمِ ، وَقَدْ تَجِيءُ زَائِدَةً كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا وَحَسْبُكَ بِزَيْدٍ ، وَلَيْسَ زَيْدٌ بِقَائِمٍ. وَالْبَاءُ هِيَ الْأَصْلُ فِي حُرُوفِ الْقَسَمِ تَشْتَمِلُ عَلَى الْمُظْهَرِ وَالْمُضْمَرِ ، تَقُولُ: بِاللَّه ِ لَقَدْ كَانَ كَذَا ، وَتَقُولُ فِي الْمُضْمَرِ: لَأَفْعَلَنَّ ، قَالَ غُوِيَّةُ بْنُ سُلْمَى؛أَلَا نَادَتْ أُمَامَةُ بِاحْتِمَالِي لِتَحْزُنَنِي ، فَلَا يَكُ مَا أُبَالِي؛الْجَوْهَرِيُّ: الْبَاءُ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الشَّفَةِ ، بُنِيَتْ عَلَى الْكَسْرِ لِاسْتِحَالَةِ الِابْتِدَاءِ بِالْمَوْقُوفِ ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ بُنِيَتْ عَلَى حَرَكَةٍ لِاسْتِحَالَةِ الِابْتِدَاءِ بِالسَّاكِنِ ، وَخُصَّتْ بِالْكَسْرِ دُونَ الْفَتْحِ تَشْبِيهًا بِعَمَلِهَا وَفَرْقًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا يَكُونُ اسْمًا وَحَرْفًا. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْبَاءُ مِنْ عَوَامِلِ الْجَرِّ وَتَخْتَصُّ بِالدُّخُولِ عَلَى الْأَسْمَاءِ ، وَهِيَ لِإِلْصَاقِ الْفِعْلِ بِالْمَفْعُولِ بِهِ ، تَقُولُ: مَرَرْتُ بِزَيْدٍ كَأَنَّكَ أَلْصَقْتَ الْمُرُورَ بِهِ. وَكُلُّ فِعْلٍ لَا يَتَعَدَّى فَلَكَ أَنْ تُعَدِّيَهُ بِالْبَاءِ وَالْأَلِفِ وَالتَّشْدِيدِ ، تَقُولُ: طَارَ بِهِ ، وَأَطَ ارَهُ ، وَطَيَّرَهُ ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَا يَصِحُّ هَذَا الْإِطْلَاقُ عَلَى الْعُمُومِ, لِأَنَّ مِنَ الْأَفْعَالِ مَا يُعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَلَا يُعَدَّى بِالتَّضْعِيفِ نَحْوَ عَادَ الشَّيْءُ وَأَ عَدْتُهُ ، وَلَا تَقُلْ عَوَّدْتُهُ ، وَمِنْهَا مَا يُعَدَّى بِالتَّضْعِيفِ وَلَا يُعَدَّى بِالْهَمْزَةِ نَحْوَ عَرَفَ وَعَرَّفْتُهُ ، وَلَا يُقَالُ أَعْرَفْتُه ُ ، وَمِنْهَا مَا يُعَدَّى بِالْبَاءِ وَلَا يُعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَلَا بِالتَّضْعِيفِ نَحْوَ دَفَعَ زَيْدٌ عَمْرًا وَدَفَعْتُهُ بِعَمْرٍو ، وَلَا يُقَالُ أَدْ فَعْتُهُ وَلَا دَفَّعْتُهُ.؛قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ تُزَادُ الْبَاءُ فِي الْكَلَامِ كَقَوْلِهِمْ: بِحَسْبِكِ قَوْلُ السَّوْءِ ، قَالَ الْأَشْعَرُ الزَّفَيَانُ وَاسْمُهُ عَمْرُو بْنُ حَارِثَةَ يَهْجُو ابْنَ عَمِّهِ رِضْوَانَ؛بِحَسْبِكَ فِي الْقَوْمِ أَنْ يَعْلَمُوا بِأَنَّكَ فِيهِمْ غَنِيٌّ مُضِرُّ؛وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ، وَقَالَ الرَّاجِزُ؛نَحْنُ بَنُو جَعْدَةَ أَصْحَابُ الْفَلَجْ نَضْرِبُ بِالسَّيْفِ وَنَرْجُو بِالْفَرَجْ؛أَيِ الْفَرَجَ ، وَرُبَّمَا وُضِعَ مَوْضِعَ قَوْلِكَ مِنْ أَجْلِ ، كَقَوْلِ لَبِيدٍ؛غُلْبٌ تَشَذَّرُ بِالذُّحُولِ كَأَنَّهُمْ جِنُّ الْبَدِيِّ ، رَوَاسِيًا أَقْدَامُهَا؛أَيْ مِنْ أَجْلِ الذُّحُولِ ، وَقَدْ تُوضَعُ مَوْضِعَ عَلَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ ، أَيْ عَلَى دِينَارٍ ، كَمَا تُوضَعُ عَلَى مَوْضِعِ الْبَاءِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ؛إِذَا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ لَعَمْرُ اللَّهِ أَعْجَبَنِي رِضَاهَا !؛أَيْ رَضِيَتْ بِي. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُوقَفُ عَلَى الْمَمْدُودِ بِالْقَصْرِ وَالْمَدِّ شَرِبْتُ مَا ، قَالَ: وَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ ثَلَاثُ أَلِفَاتٍ ، قَالَ: وَسَمِعْتُ هَؤُلَاءِ يَقُول ُونَ: شَرِبَتْ مِي يَا هَذَا ، قَالَ: وَهَذِهِ بِي يَا هَذَا ، وَهَذِهِ بِ حَسَنَةٌ ، فَشَبَّهُوا الْمَمْدُودَ بِالْمَقْصُورِ وَالْمَقْصُورَ بِالْمَمْدُودِ ، وَا لنَّسَبُ إِلَى الْبَاءِ بَيَوِيٌّ. وَقَصِيدَةٌ بَيَوِيَّةٌ: رَوِيُّهَا الْبَاءُ ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: الْبَا وَأَخَوَاتُهَا مِنَ الثُّنَائِيِّ كَالتَّا وَالْحَا وَالطَّا وَالْيَا ، إِذَا تُهُجِّيَتْ مَقْصُورَةً ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِأَسْمَاءٍ ، وَإِنَّمَا جَا ءَتْ فِي التَّهَجِّي عَلَى الْوَقْفِ ، وَيَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْقَافَ وَالدَّالَ وَالصَّادَ مَوْقُوفَةُ الْأَوَاخِرِ ، فَلَوْلَا أَنَّهَا عَلَى الْوَقْ فِ لَحُرِّكَتْ أَوَاخِرُهُنَّ ، وَنَظِيرُ الْوَقْفِ هُنَا الْحَذْفُ فِي الْبَاءِ وَأَخَوَاتِهَا ، وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَلْفِظَ بِحُرُوفِ الْمُعْجَمِ قَصَرْتَ وَأَسْكَنْتَ, لِأَنَّكَ لَسْتَ تُرِيدُ أَنْ تَجْعَلَهَا أَسْمَاءً ، وَلَكِنَّكَ أَرَدْتَ أَنْ تُقَطِّعَ حُرُوفَ الِاسْمِ فَجَاءَتْ كَأَنَّهَا أَصْوَاتٌ تُصَوّ ِتُ بِهَا ، إِلَّا أَنَّكَ تَقِفُ عِنْدَهَا لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ عِهْ ، وَسَنَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ أَشْيَاءَ فِي مَوَاضِعِهَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
المعجم: لسان العرب

بالام

المعنى: بالام: النِّهَايَةُ فِي ذِكْرِ أُدْمِ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ: إِدَامُهُمْ بَالَامُ وَالنُّونُ ، قَالُوا: وَمَا هَذَا ؟ قَالَ: ثَوْرٌ وَنُونٌ ، قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: هَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مُفَسَّرًا ، أَمَّا النُّونُ فَهُوَ الْحُوتُ وَبِهِ سُمِّيَ يُونُسُ - عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ذَا النُّونِ ، وَأَمَا بَالَامُ فَقَدْ تَمَحَّلُوا لَهَا شَرْحًا غَيْرَ مَرْضِيٍّ ، وَلَعَلَّ اللَّفْظَةَ عِبْرَانِيَّةٌ ، ق َالَ: وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَعَلَّ الْيَهُودِيَّ أَرَادَ التَّعْمِيَةَ فَقَطَعَ الْهِجَاءَ وَقَدَّمَ أَحَدَ الْحَرْفَيْنِ عَلَى الْآخَرِ ، وَهِيَ لَامُ أَلِفٍ وَيَاءٌ ، يُرِيدَ لَأَى بِوَ زْنِ لَعَا ، وَهُوَ الثَّوْرُ الْوَحْشِيُّ ، فَصَحَّفَ الرَّاوِي الْيَاءَ بِالْبَاءِ ، وَقَالَ: هَذَا أَقْرَبُ مَا يَقَعُ لِي فِيهِ.
المعجم: لسان العرب

بأب

المعنى: بأب: فَرَسٌ بُؤَبٌ: قَصِيرٌ غَلِيظُ اللَّحْمِ فَسِيحُ الْخَطْوِ بَعِيدُ الْقَدْرِ.
المعجم: لسان العرب

بأبأ

المعنى: بأبأ: اللَّيْثُ: الْبَأْبَأَةُ قَوْلُ الْإِنْسَانِ لِصَاحِبِهِ بِأَبِي أَنْتَ ، وَمَعْنَاهُ أَفْدِيكَ بِأَبِي ، فَيُشْتَقُّ مِنْ ذَلِكَ فِعْلٌ فَيُقَالُ: بَأْبَأَ بِهِ. قَالَ: و َمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: وَابِأَبَا أَنْتَ ، جَعَلُوهَا كَلِمَةً مَبْنِيَّةً عَلَى هَذَا التَّأْسِيسِ. قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَهَذَا كَقَوْلِهِ يَا وَيْلَتَا ، مَعْنَاهُ يَا وَيْلَتِي ، فَقَلَبَ الْيَاءَ أَلِفًا ، وَكَذَلِكَ يَا أَبَتَا مَعْنَاهُ يَا أَبَتِي ، وَعَلَى هَذَا تُوَجَّهُ قِ رَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: يَا أَبَتَ إِنِّي ، أَرَادَ يَا أَبَتَا ، وَهُوَ يُرِيدُ يَا أَبَتِي ، ثُمَّ حَذَفَ الْأَلِفَ ، وَمَنْ قَالَ: يَا بِيَبَا حَوَّلَ الْهَمْزَةَ يَاءً ، وَالْأَصْلُ: يَا بِأَبَا مَعْنَاهُ يَا بِأَبِي. وَالْفِعْلُ مِنْ هَذَا بَأْبَأَ يُبْأَبِئُ بَأْبَأَةً. وَبَأْبَأْتُ الصَّبِيَّ وَبَأْبَأْتُ بِهِ: قُلْت ُ لَهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي, قَالَ الرَّاجِزُ؛وَصَاحِبٍ ذِي غَمْرَةٍ دَاجَيْتُهُ بَأْبَأْتُهُ ، وَإِنْ أَبَى فَدَّيْتُهُ حَتَّى أَتَى الْحَيَّ ، وَمَا آذَيْتُهُ؛وَبَأْبَأْتُهُ أَيْضًا ، وَبَأْبَأْتُ بِهِ قُلْتُ لَهُ: بَابَا. وَقَالُوا: بَأْبَأَ الصَّبِيَّ أَبُوهُ إِذَا قَالَ لَهُ: بَابَا. وَبَأْبَأَهُ الصَّبِيُّ ، إِذَ ا قَالَ لَهُ: بَابَا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: بَأْبَأْتُ بِالصَّبِيِّ بِئْبَاءً إِذَا قُلْتَ لَهُ: بِأَبِي. قَالَ ابْنُ جِنِّي: سَأَلْتُ أَبَا عَلِيٍّ فَقُلْتُ لَهُ: بَأْبَأْتُ الصَّبِيَّ بَأْبَأَةً إِذَا قُلْتَ لَهُ بَابَا ، فَمَا مِثَالُ الْبَأْبَأَةِ عِنْدَكَ الْآنَ ؟ أَتَزِنُهَا عَلَى لَفْظِهَا فِي الْأَصْ لِ ، فَتَقُولُ مِثَالُهَا الْبَقْبَقَةُ بِمَنْزِلَةِ الصَّلْصَلَةِ وَالْقَلْقَلَةِ ؟ فَقَالَ: بَلْ أَزِنُهَا عَلَى مَا صَارَتْ إِلَيْهِ ، وَأَتْرُكُ مَا كَانَتْ قَبْلُ عَلَيْهِ ، فَأَقُولُ: الْفَعْلَلَةُ. قَالَ: وَهُوَ كَمَا ذُكِرَ ، وَبِهِ انْعِقَادُ هَذَا الْبَابِ. وَقَالَ أَيْضًا: إِذَا قُلْتَ بِأَبِي أَنْتَ ، فَالْب َاءُ فِي أَوَّلِ الِاسْمِ حَرْفُ جَرٍّ بِمَنْزِلَةِ اللَّامِ فِي قَوْلِكَ: لِلَّهِ أَنْتَ ، فَإِذَا اشْتَقَقْتَ مِنْهُ فِعْلًا اشْتِقَاقًا صَوْتِيًّا اسْتَحَالَ ذَلِكَ التَّقْدِيرُ فَقُلْتَ: بَأْبَأْتُ بِهِ بِئْبَاءً ، وَقَدْ أَكْثَرْتَ مِنَ الْبَأْبَأَةِ ، فَالْبَاءُ الْآنَ فِي لَفْظِ الْأَصْلِ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ عُلِ مَ أَنَّهَا فِيمَا اشْتُقَّتْ مِنْهُ زَائِدَةٌ لِلْجَرِّ, وَعَلَى هَذَا مِنْهَا الْبِأَبُ ، فَصَارَ فِعْلًا مِنْ بَابِ سَلِسَ وَقَلِقَ, قَالَ؛يَا بِأَبِي أَنْتَ وَيَا فَوْقَ الْبِأَبْ؛فَالْبِأَبُ الْآنَ بِمَنْزِلَةِ الضِّلَعِ وَالْعِنَبِ. وَبَأْبَئُوهُ: أَظْهَرُوا لَطَافَةً, قَالَ؛إِذَا مَا الْقَبَائِلُ بَأْبَأْنَنَا فَمَاذَا نُرَجِّي بِبِئْبَائِهَا ؟؛وَكَذَلِكَ تَبَأْبَئُوا عَلَيْهِ. وَالْبَأْبَاءُ ، مَمْدُودٌ: تَرْقِيصُ الْمَرْأَةِ وَلَدَهَا. وَالْبَأْبَاءُ: زَجْرُ السِّنَّوْرِ ، وَهُوَ الْغِسُّ, وَأَنْش َدَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ لِرَجُلٍ فِي الْخَيْلِ؛وَهُنَّ أَهْلُ مَا يَتَمَازَيْنَ وَهُنَّ أَهْلُ مَا يُبَأْبَيْنَ؛أَيْ يُقَالُ لَهَا: بِأَبِي فَرَسِي نَجَّانِي مِنْ كَذَا, وَمَا فِيهِمَا صِلَةٌ مَعْنَاهُ أَنَّهُنَّ ، يَعْنِي الْخَيْلَ ، أَهْلٌ لِلْمُنَاغَاةِ بِهَذَا الْكَلَ امِ كَمَا يُرَقَّصُ الصَّبِيُّ ، وَقَوْلُهُ يَتَمَازَيْنَ أَيْ يَتَفَاضَلْنَ. وَبَأْبَأَ الْفَحْلُ ، وَهُوَ تَرْجِيعُ الْبَاءِ فِي هَدِيرِهِ. وَبَأْبَأَ الرَّج ُلُ: أَسْرَعَ. وَبَأْبَأْنَا أَيْ أَسْرَعْنَا. وَتَبَأْبَأْتُ تَبَأْبُؤًا إِذَا عَدَوْتُ. وَالْبُؤْبُؤُ: السَّيِّدُ الظَّرِيفُ الْخَفِيفُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْبُؤْبُؤُ: الْأَصْلُ ، وَقِيلَ الْأَصْلُ الْكَرِيمُ أَوِ الْخَسِيسُ. وَقَالَ شَمِرٌ: بُؤْبُؤُ الرَّجُلِ: أَصْلُهُ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: الْبُؤْبُؤُ: الْعَالِمُ الْمُعَلِّمُ. وَفِي الْمُحْكَمِ: الْعَالِمُ مِثْلُ السُّرْسُورِ يُقَالُ: فُلَانٌ فِي بُؤْبُؤِ الْكَرَمِ. وَيُقَالُ: الْبُؤْبُؤُ إِنْسَ انُ الْعَيْنِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: الْبُؤْبُؤُ: عَيْرُ الْعَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: الْبُؤْبُؤُ بِلَا مَدٍّ عَلَى مِثَالِ الْفُلْفُلِ. قَالَ: الْبُؤْبُؤُ: بُؤْبُؤُ الْعَيْنِ ، وَأَنْشَدَ شَاهِدًا عَلَى الْبُؤْبُؤِ بِمَعْنَى السَّيِّدِ قَوْلَ ا لرَّاجِزِ فِي صِفَةِ امْرَأَةٍ؛قَدْ فَاقَتِ الْبُؤْبُؤَ الْبُؤَيْبِيَهْ وَالْجِلْدُ مِنْهَا غِرْقِيءُ الْقُوَيْقِيَهْ؛الْغِرْقِيءُ: قِشْرُ الْبَيْضَةِ. وَالْقُوَيْقِيَةُ: كِنَايَةٌ عَنِ الْبَيْضَةِ. قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: الْبُؤْبُؤُ ، بِغَيْرِ مَدٍّ: السَّيِّدُ ، وَالْبُؤَيْبِيَةُ: السَّيِّدَةُ ، وَأَنْشَدَ لِجَرِيرٍ؛فِي بُؤْبُؤِ الْمَجْدِ وَبُحْبُوحِ الْكَرَمْ؛وَأَمَّا الْقَالِي فَإِنَّهُ أَنْشَدَهُ؛فِي ضِئْضِئِ الْمَجْدِ وَبُؤْبُوءِ الْكَرَمْ؛وَقَالَ: وَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي شِعْرِ جَرِيرٍ, قَالَ وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ, مَعَ مَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ مِنْ كَوْنِهِ مِثَالَ سُرْسُورٍ. قَالَ وَكَأَنَّهُمَا لُغَتَانِ ، التَّهْذِيبُ ، وَأَنْشَدَ ابْنُ السِّكِّيتِ؛وَلَكِنْ يُبَأْبِئُهُ بُؤْبُؤٌ وَبِئْبَاؤُهُ حَجَأٌ أَحْجَؤُهُ؛قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُبَأْبِئُهُ: يُفَدِّيهِ ، بُؤْبُؤٌ: سَيِّدٌ كَرِيمٌ ، بِئْبَاؤُهُ: تَفْدِيَتُهُ ، وَحَجَأٌ: أَيْ فَرَحٌ ، أَحْجَؤُهُ: أَفْرَحُ بِهِ. وَيُقَالُ فُلَانٌ فِي بُؤْ بُؤِ صِدْقٍ أَيْ أَصْلِ صِدْقٍ ، وَقَالَ؛أَنَا فِي بُؤْبُؤِ صِدْقٍ نَعَمْ ، وَفِي أَكْرَمِ أَصْلِ
المعجم: لسان العرب

بأدل

المعنى: بأدل: الْبَأْدَلَةُ: اللَّحْمُ بَيْنَ الْإِبِطِ وَالثَّنْدُوَةِ كُلِّهَا ، وَالْجَمْعُ الْبَآدِلُ ، وَقِيلَ: هِيَ أَصْلُ الثَّدْيِ ، وَقِيلَ: هِيَ مَا بَيْنَ ال ْعُنُقِ إِلَى التَّرْقُوَةِ ، وَقِيلَ: هِيَ جَانِبُ الْمَأْكَمَةِ ، وَقِيلَ: هِيَ لَحْمُ الثَّدْيَيْنِ, قَالَتْ أُخْتُ يَزِيدَ بْنِ الطَّثَرِيَّةِ تَرْثِيهِ؛فَتًى قُدَّ قَدَّ السَّيْفِ لَا مُتَآزِفٌ وَلَا رَهِلٌ لَبَّاتُهُ وَبَآدِلُهْ؛قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أُخْتُ يَزِيدَ اسْمُهَا زَيْنَبُ ، وَيُقَالُ: الْبَيْتُ لِلْعُجَيْزِ السَّلُولِيِّ يَرْثِي بِهِ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَمِّهِ يُقَالُ لَهُ سُلَيْمُ بْنُ خَالِدِ بْنِ كَعْبٍ السَّلُولِيُّ, قَالَ: وَرِوَايَتُهُ؛فَتًى قُدَّ قَدَّ السَّيْفِ لَا مُتَضَائِلٌ وَلَا رَهِلٌ لَبَّاتُهُ وَبَآدِلُهْ؛ يَسُرُّكَ مَظْلُومًا ، وَيُرْضِيكَ ظَالِمًا وَكُلُّ الَّذِي حَمَّلْتَهُ فَهُوَ حَامِلُهُ؛وَالْمُتَضَائِلُ: الضَّئِيلُ الدَّقِيقُ ، وَالرَّهِلُ: الْكَثِيرُ اللَّحْمِ الْمُسْتَرْخِيهِ ، وَالْبَأْدَلَةُ: اللَّحْمَةُ بَيْنَ الْعُنُقِ وَالتَّرْقُوَةِ ، وَقَوْلُهُ: قُدَّ قَدَّ السَّيْفِ, أَيَّ: هُوَ مُهَفْهَفٌ مَجْدُولُ الْخَلْقِ سَيْفَانٌ ، وَالسَّيْفَانُ: الطَّوِيلُ الْمَمْشُوقُ ، وَقِيلَ: هِيَ ثُلَاثِيَّة ٌ لِقَوْلِهِ بَدِلَ إِذَا شَكَا ذَلِكَ ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَالْبَأْدَلَةُ: مِشْيَةٌ سَرِيعَةٌ.
المعجم: لسان العرب

بأر

المعنى: بأر: الْبِئْرُ: الْقَلِيبُ ، أُنْثَى ، وَالْجَمْعُ أَبْآرٌ بِهَمْزَةٍ بَعْدَ الْبَاءِ مَقْلُوبٌ عَنْ يَعْقُوبَ ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقْلِبُ الْهَمْزَةَ فَيَقُولُ: آبَارٌ ، فَإِذَا كُثِّرَتْ ، فَهِيَ الْبِئَارُ ، وَهِيَ فِي الْقِلَّةِ أَبْؤُرٌ. وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: اغْتَسِلِي مِنْ ثَلَاثِ أَبْؤُرٍ يَمُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا, أَبْؤُرٌ: جَمْعُ قِلَّةٍ لِلْبِئْرِ. وَمَدُّ بَعْضِهَا بَعْضًا: هُوَ أَنَّ مِيَاهَهَا تَجْتَمِعُ فِي وَاحِدَةٍ كَمِيَاهِ الْقَنَاةِ ، وَهِيَ الْبِئْرَةُ ، وَحَا فِرُهَا: الْأَبَّارُ ، مَقْلُوبٌ وَلَمْ يُسْمَعْ عَلَى وَجْهِهِ, وَفِي التَّهْذِيبِ: وَحَافِرُهَا بَأْآرٌ, وَيُقَالُ: أَبَّارٌ, وَقَدْ بَأَرْتُ بِئْرًا وَبَأَر َهَا يَبْأَرُهَا وَابْتَأَرَهَا: حَفَرَهَا. أَبُو زَيْدٍ: بَأَرْتُ أَبْأَرُ بَأْرًا حَفَرْتُ بُؤْرَةً يُطْبَخُ فِيهَا ، وَهِيَ الْإِرَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ: الْبِئْرُ جُبَارٌ قِيلَ هِيَ الْعَادِيَّةُ الْقَدِيمَةُ لَا يُ عْلَمُ لَهَا حَافِرٌ وَلَا مَالِكٌ ، فَيَقَعُ فِيهَا الْإِنْسَانُ أَوْ غَيْرُهُ فَهُوَ جُبَارٌ أَيْ هَدَرٌ ، وَقِيلَ: هُوَ الْأَجِيرُ الَّذِي يَنْزِلُ الْبِئْرَ فَيُنَقِّيهَا أَوْ يُخْرِجُ مِنْهَا شَيْئًا وَقَعَ فِيهَا فَيَمُوتُ. وَالْبُؤْرَةُ: كَالزُّبْيَةِ مِنَ الْأَرْضِ ، وَقِيلَ: هِيَ مَوْقِدُ النَّارِ وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ. وَبَأَرَ الشَّيْءَ يَبْأَرُهُ بَأْرًا وَابْتَأَرَهُ ، كِلَاهُمَا: خَبَأَهُ وَادَّخَرَهُ, وَمِنْهُ قِيلَ لِلْحُفْرَةِ: الْبُؤْرَةُ. وَالْبُؤْرَةُ وَالْبِئْرَةُ وَالْبَئِيرَةُ ، عَلَى فَعِيلَةٍ: مَا خُبِئَ وَادُّخِرَ. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ رَجُلًا آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَلَمْ يَبْتَئِرْ خَيْرًا أَيْ لَمْ يُقَدِّمْ لِنَفْسِهِ خَبِيئَةَ خَيْرٍ وَلَمْ يَدَّخِرْ. وَابْتَأَرَ الْخَيْرَ وَبَأَرَهُ: قَدَّمَهُ ، وَقِيلَ: عَمِلَهُ مَسْتُورًا. وَقَالَ الْأُمَوِيُّ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ: هُوَ مِنَ الشَّيْءِ يُخْبَأُ كَأَنَّهُ لَمْ يُقَدِّمْ لِنَفْسِهِ خَيْرًا خَبَأَهُ لَهَا. وَيُقَالُ لِلذَّخِيرَةِ يَدَّخِرُهَا الْإِنْسَ انُ: بَئِيرَةٌ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فِي الِابْتِئَارِ لُغَتَانِ: يُقَالُ ابْتَأَرْتُ وَائْتَبَرْتُ ابْتِئَارًا وَائْتِبَارًا, وَقَالَ الْقُطَامِيُّ؛فَإِنْ لَمْ تَأْتَبِرْ رَشَدًا قُرَيْشٌ فَلَيْسَ لِسَائِرِ النَّاسِ ائْتِبَارُ؛يَعْنِي اصْطِنَاعَ الْخَيْرِ وَالْمَعْرُوفِ وَتَقْدِيمَهُ. وَيُقَالُ لِإِرَةِ النَّارِ: بُؤْرَةٌ ، وَجَمْعُهُ بُؤَرٌ.
المعجم: لسان العرب

بأز

المعنى: بأز: الْبَأْزُ: لُغَةٌ فِي الْبَازِي ، وَالْجَمْعُ أَبْؤُزٌ وَبُئُوزٌ وَبِئْزَانٌ, عَنِ ابْنِ جِنِّي ، وَذَهَبَ إِلَى أَنَّ هَمْزَتَهُ مُبْدَلَةٌ مَنْ أَلِفٍ لِقُرْبِهَا مِنْهَا ، وَاسْتَمَرَّ الْبَدَلُ فِي أَبْؤُزٍ وَبِئْزَانٍ كَمَا اسْتَمَرَّ فِي أَعْيَادٍ.
المعجم: لسان العرب

بأزل

المعنى: بأزل: الْبَأْزَلَةُ: اللِّحَاءُ وَالْمُقَارَضَةُ. أَبُو عَمْرٍو: الْبَأْزَلَةُ مِشْيَةٌ فِيهَا سُرْعَةٌ, وَأَنْشَدَ لِأَبِي الْأَسْوَدِ الْعِجْلِيِّ؛قَدْ؛كَانَ فِيمَا بَيْنَنَا مُشَاهَلَهْ فَأَدْبَرَتْ غَضْبَى تَمَشَّى الْبَازَلَهْ؛وَالْمُشَاهَلَةُ: الشَّتْمُ.
المعجم: لسان العرب

بأس

المعنى: بأس: اللَّيْثُ: الْبَأْسَاءُ اسْمُ الْحَرْبِ وَالْمَشَقَّةِ وَالضَّرْبِ. وَالْبَأْسُ: الْعَذَابُ. وَالْبَأْسُ: الشِّدَّةُ فِي الْحَرْبِ. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: كُنَّا إِذَا اشْتَدَّ الْبَأْسُ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. يُرِيدُ الْخَوْفَ وَلَا يَكُونُ إِلَّا مَعَ الشِّدَّةِ. ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْبَأْسُ وَالْبَئِيسُ عَلَى مِثَالِ فَعِلٍ ، الْعَذَابُ الشَّدِيدُ. ابْنُ سِيدَهْ: الْبَأْسُ الْحَرْبُ ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى قِيلَ لَا بَأْسَ عَلَيْكَ ، وَلَا بَأْسَ أَيْ لَا خَوْفَ, قَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ؛يَقُولُ لِيَ الْحَدَّادُ ، وَهُوَ يَقُودُنِي إِلَى السِّجْنِ لَا تَجْزَعْ فَمَا بِكَ مِنْ بَاسِ؛أَرَادَ فَمَا بِكَ مِنْ بَأْسٍ ، فَخَفَّفَ تَخْفِيفًا قِيَاسِيًّا لَا بَدَلِيًّا ، أَلَا تَرَى أَنَّ فِيهَا؛وَتَتْرُكُ عُذْرِي وَهُوَ أَضْحَى مِنَ الشَّمْسِ؛فَلَوْلَا أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ بَاسِ فِي حُكْمِ قَوْلِهِ مِنْ بَأْسٍ ، مَهْمُوزًا, لَمَّا جَازَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ بَأْسٍ ، هَاهُنَا مُخَفَّفًا ، وَبَيْنَ قَوْل ِهِ مِنَ الشَّمْسِ لِأَنَّهُ كَانَ يَكُونُ أَحَدُ الضَّرْبَيْنِ مُرْدَفًا وَالثَّانِي غَيْرُ مُرْدَفٍ. وَالْبَئِسُ: كَالْبَأْسِ. وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِعَدُ وِّهِ: لَا بَأْسَ عَلَيْكَ فَقَدْ أَمَّنَهُ, لِأَنَّهُ نَفَى الْبَأْسَ عَنْهُ ، وَهُوَ فِي لُغَةِ حِمْيَرٍ لَبَاتِ أَيْ لَا بَأْسَ عَلَيْكَ ، قَالَ شَاعِرُهُمْ؛شَرَيْنَا النَّوْمَ ، إِذْ غَضِبَتْ غَلَابٌ بِتَشْهِيدٍ وَعَقْدٍ غَيْرِ مَيْنِ؛تَنَادَوْا عِنْدَ غَدْرِهِمُ: لَبَاتِ ! وَقَدْ بَرَدَتْ مَعَاذِرُ ذِي رُعَيْنِ؛وَلَبَاتِ بِلُغَتِهِمْ: لَا بَأْسَ, قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: كَذَا وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِ شَمِرٍ. وَفِي الْحَدِيثِ: نَهَى عَنْ كَسْرِ السِّكَّةِ الْجَائِزَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مِنْ بَأْسٍ ، يَعْنِي الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ الْمَضْرُوبَةَ ، أَيْ: لَا تُكْسَرُ إِلَّا مِنْ أَمْرٍ يَقْتَضِي كَسْرَهَا ، إِمَّا لِرَدَاءَتِهَا أَوْ شَكٍّ فِي صِحَّةِ نَقْدِهَا ، وَكَرِهَ ذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقِيلَ: لِأَنَّ فِيهِ إِضَاعَةَ الْمَالِ ، وَقِيلَ: إِنَّمَا نَهَى عَنْ كَسْرِهَا عَلَى أ َنْ تُعَادَ تِبْرًا ، فَأَمَّا لِلنَّفَقَةِ فَلَا ، وَقِيلَ: كَانَتِ الْمُعَامَلَةُ بِهَا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ عَدَدًا لَا وَزْنًا ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُصّ ُ أَطْرَافَهَا فَنُهُوا عَنْهُ. وَرَجُلٌ بَئِسٌ: شُجَاعٌ ، بَئِسَ بَأْسًا وَبَؤُسَ بَأْسَةً. أَبُو زَيْدٍ: بَؤُسَ الرَّجُلُ يَبْؤُسُ بَأْسًا إِذَا كَانَ شَدِيدَ الْبَأْسِ شُجَاعًا, حَكَاهُ أَبُو زَيْدٍ فِي كِتَابِ الْهَمْزِ ، فَهُوَ بَئِيسٌ, عَلَى فَعِيلٍ ، أَيْ شُجَاعٌ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ, قِيلَ: هُمْ بَنُو حَنِيفَةَ قَاتَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي أَيَّامِ مُسَيْلِمَةَ ، وَقِيلَ: هُمْ هَوَازِنُ ، وَقِيلَ: هُمْ فَارِسُ وَالرُّومُ. وَالْبُؤْسُ: الشِّدَّةُ وَالْفَقْرُ. وَبَئِسَ الرَّجُلُ يَبْأَسُ بُؤْسًا وَبَأْسًا وَبَئِيسًا إِذَا افْتَقَرَ وَاشْتَدَّتْ حَاجَتُهُ ، فَهُوَ بَائِسٌ أَيْ فَقِ يرٌ, وَأَنْشَدَ أَبُو عَمْرٍو؛وَبَيْضَاءَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَمْ تَذُقْ بَئِيسًا ، وَلَمْ تَتْبَعْ حَمُولَةَ مُجْحِدِ؛قَالَ: وَهُوَ اسْمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرَ, قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِلْفَرَزْدَقِ ، وَصَوَابُ إِنْشَادُهُ لِبَيْضَاءَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ, وَقَبْلَهُ؛إِذَا شِئْتُ غَنَّانِي مِنَ الْعَاجِ قَاصِفٌ عَلَى مِعْصَمٍ رَيَّانَ لَمْ يَتَخَدَّدِ؛ وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ: تُقْنِعُ يَدَيْكَ وَتَبْأَسُ, هُوَ مِنَ الْبُؤْسِ الْخُضُوعِ وَالْفَقْرِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا وَخَبَرًا, وَمِنْهُ حَدِيثُ عَمَّارٍ: بُؤْسَ ابْنِ سُمَيَّةَ ! كَأَنَّهُ تَرَحَّمَ لَهُ مِنَ الشِّدَّةِ الَّتِي يَقَعُ فِيهَا, وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: كَانَ يَكْرَهُ الْبُؤْسَ وَالتَّبَاؤُسَ, يَعْنِي عِنْدَ النَّاسِ ، وَيَجُو زُ التَّبَؤُّسُ بِالْقَصْرِ وَالتَّشْدِيدِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا بُؤْسًا لَهُ فِي حَدِّ الدُّعَاءِ ، وَهُوَ مِمَّا انْتَصَبَ عَلَى إِضْمَارِ الْفِعْلِ غَيْرِ الْمُسْتَعْمَلِ إِظْهَارُهُ. وَالْبَأْسَاءُ وَالْمَبْأَس َةُ: كَالْبُؤْسِ, قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبِي خَازِمٍ؛فَأَصْبَحُوا بَعْدَ نُعْمَاهُمْ بِمَبْأَسَةٍ وَالدَّهْرُ يَخْدَعُ أَحْيَانًا فَيَنْصَرِفُ؛وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ, قَالَ الزَّجَّاجُ: الْبَأْسَاءُ الْجُوعُ وَالضَّرَّاءُ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ. وَبَئِسَ يَبْأَسُ وَيَبْئِسُ, الْأَخِيرَةُ نَادِرَةٌ ، قَالَ ابْنُ جِنِّي: هُوَ... كَرُمَ يَكْرُمُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ فِي نَعِمَ يَنْعُمُ. وَأَبْأَسَ الرَّجُلُ: حَلَّتْ بِهِ الْبَأْسَاءُ, عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ ، وَأَنْشَدَ؛تَبُزُّ عَضَارِيطُ الْخَمِيسِ ثِيَابَهَا فَأَبْأَسَتْ... يَوْمَ ذَلِكَ وَابْنَمَا؛وَالْبَائِسُ: الْمُبْتَلَى, قَالَ سِيبَوَيْهِ: الْبَائِسُ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُتَرَحَّمُ بِهَا كَالْمِسْكِينِ ، قَالَ: وَلَيْسَ كُلَّ صِفَةٍ يُتَرَحَّمُ بِهَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَعْنَى الْبَائِسِ وَالْم ِسْكِينِ ، وَقَدْ بَؤُسَ بَأْسَةً وَبَئِيسًا ، وَالِاسْمُ الْبُؤْسَى, وَقَوْلُ تَأَبَّطَ شَرًّا؛قَدْ ضِقْتُ مِنْ حُبِّهَا مَا لَا يُضَيِّقُنِي حَتَّى عُدِدْتُ مِنَ الْبُوسِ الْمَسَاكِينِ؛قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَنَى بِهِ جَمْعَ الْبَائِسِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَوِي الْبُؤْسِ ، فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَأَقَامَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَهُ. وَ الْبَائِسُ: الرَّجُلُ النَّازِلُ بِهِ بَلِيَّةٌ أَوْ عُدْمٌ يُرْحَمُ لِمَا بِهِ. ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: يُقَالُ بُوسًا وَتُوسًا وَجُوسًا لَهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَالْبَأْسَاءُ: الشِّدَّةُ, قَالَ الْأَخْفَشُ: بُنِيَ عَلَى فَعْلَاءَ وَلَيْسَ لَهُ أَفْعَلُ لِأَنَّهُ اسْمٌ كَمَا قَدْ يَجِيءُ أَفْعَلُ فِي الْأَسْمَاءِ لَيْسَ مَعَهُ فَعْلَاءُ نَحْوَ أَحْمَدَ. وَالْبُؤْسَى: خِلَافُ النُّعْمَى, الزَّجَّاجُ: الْبَأْسَاءُ وَالْبُؤْسَى مِنَ الْبُؤْسِ ، قَالَ ذَلِكَ ابْنُ دُرَيْدٍ ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ الْبُؤْسَى وَالْبَأْسَاءُ ضِدَّ النُّعْمَى وَالنَّعْمَاءِ ، وَأَمَّا فِي الشَّجَاعَةِ وَالشِّدَّةِ فَيُقَالُ الْبَأْسُ. وَابْتَأَسَ ال رَّجُلُ ، فَهُوَ مُبْتَئِسٌ. وَلَا تَبْتَئِسْ أَيْ لَا تَحْزَنْ وَلَا تَشْتَكِ. وَالْمُبْتَئِسُ: الْكَارِهُ وَالْحَزِينُ, قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ؛مَا يَقْسِمُ اللَّهُ أَقْبَلْ غَيْرَ مُبْتَئِسٍ مِنْهُ ، وَأَقْعُدْ كَرِيمًا نَاعِمَ الْبَالِ؛أَيْ غَيْرَ حَزِينٍ وَلَا كَارِهٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْأَحْسَنُ فِيهِ عِنْدِي قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ مُبْتَئِسًا مُفْتَعِلٌ مِنَ الْبَأْسِ الَّذِي هُوَ الشِّدَّةُ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ, أَيْ: فَلَا يَشْتَدُّ عَلَيْكَ أَمْرُهُمْ ، فَهَذَا أَصْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ ابْتَأَسَ بِمَعْنَى كَرِهَ ، وَإِنَّمَا الْكَرَاهَةُ تَفْسِيرٌ مَعْنَوِيٌّ, ل ِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا اشْتَدَّ بِهِ أَمْرٌ كَرِهَهُ ، وَلَيْسَ اشْتَدَّ بِمَعْنَى كَرِهَ. وَمَعْنَى بَيْتِ حَسَّانَ أَنَّهُ يَقُولُ: مَا يَرْزُقُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَضْلِهِ أَقْبَلْهُ رَاضِيًا بِهِ وَشَاكِرًا لَهُ عَلَيْهِ غَيْرَ مُتَسَخِّطٍ مِنْهُ ، وَيَجُوزُ فِي (مِنْهُ) أَنْ تَكُونَ مُتَعَلِّقَةً بِأَقْبَلْ أَيْ: أَقْبَلْهُ مِنْهُ غَيْرَ مُتَسَخِّطٍ وَلَا مُشْتَدٍّ أَمْرُهُ عَلَيَّ, وَبَعْدَهُ؛لَقَدْ عَلِمْتُ بِأَنِّي غَالِبِي خُلُقِي عَلَى السَّمَاحَةِ ، صُعْلُوكًا وَذَا مَالِ؛وَالْمَالُ يَغْشَى أُنَاسًا لَا طَبَاخَ بِهِمْ كَالسِّلِّ يَغْشَى أُصُولَ الدِّنْدِنِ الْبَالِي؛وَالطَّبَّاخُ: الْقُوَّةُ وَالسِّمَنُ. وَالدِّنْدِنُ: مَا بَلِيَ وَعَفِنَ مِنْ أُصُولِ الشَّجَرِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمُبْتَئِسُ الْمِسْكِينُ الْحَزِينُ ، وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ, أَيْ لَا تَحْزَنْ وَلَا تَسْتَكِنْ. أَبُو زَيْدٍ: وَابْتَأَسَ الرَّجُلُ إِذَا بَلَغَهُ شَيْءٌ يَكْرَهُهُ, قَالَ لَبِيدٌ؛فِي رَبْرَبٍ كَنِعَاجِ صَا رَةَ يَبْتَئِسْنَ بِمَا لَقِينَا؛وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: " إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلَا تَبْؤُسُوا ", بَؤُسَ يَبْؤُسُ ، بِالضَّمِّ فِيهِمَا ، بَأْسًا إِذَا اشْتَدَّ. وَالْمُبْتَئِسُ: الْكَارِهُ وَالْحَزِينُ. وَالْبَئُوسُ: الظَّاهِرُ الْبُؤْسِ. وَبِئْسَ: نَقِيض ُ نِعْمَ, وَقَوْلُهُ أَنْشَدَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ؛إِذَا فَرَغَتْ مِنْ ظَهْرِهِ بَطَّنَتْ لَهُ أَنَامِلُ لَمْ يُبْأَسْ عَلَيْهَا دُءُوبُهَا؛فَسَّرَهُ فَقَالَ: يَصِفُ زِمَامًا ، وَبِئْسَمَا دَأَبَتْ أَيْ: لَمْ يُقَلْ لَهَا بِئْسَمَا عَمِلْتِ, لِأَنَّهَا عَمِلَتْ فَأَحْسَنَتْ ، قَالَ: لَمْ يُسْمَعْ إِ لَّا فِي هَذَا الْبَيْتِ. وَبِئْسَ: كَلِمَةُ ذَمٍّ ، وَنِعْمَ: كَلِمَةُ مَدْحٍ. تَقُولُ: بِئْسَ الرَّجُلُ زَيْدٌ وَبِئْسَتِ الْمَرْأَةُ هِنْدٌ ، وَهُمَا فِعْلَا نِ مَاضِيَانِ لَا يَتَصَرَّفَانِ, لِأَنَّهُمَا أُزِيلَا عَنْ مَوْضِعِهِمَا ، فَنِعْمَ مَنْقُولٌ مِنْ قَوْلِكَ نَعِمَ فُلَانٌ إِذَا أَصَابَ نِعْمَةً ، وَبِئْسَ م َنْقُولٌ مَنْ بَئِسَ فُلَانٌ إِذَا أَصَابَ بُؤْسًا ، فَنُقِلَا إِلَى الْمَدْحِ وَالذَّمِّ فَشَابَهَا الْحُرُوفَ فَلَمْ يَتَصَرَّفَا ، وَفِيهِمَا لُغَاتٌ تُذْكَر ُ فِي تَرْجَمَةِ نَعِمَ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ, بِئْسَ مَهْمُوزٌ فِعْلٌ جَامِعٌ لِأَنْوَاعِ الذَّمِّ وَهُوَ ضِدُّ نِعْمَ فِي الْمَدْحِ ، قَالَ الزَّجَّاجُ: بِئْسَ وَنِعْمَ هُمَا حَرْفَانِ لَا يَعْمَلَانِ فِي اسْمٍ عَلَمٍ ، وَإِنَّمَا يَعْمَلَانِ فِي اسْمٍ مَنْكُورٍ دَالٍّ عَلَى جِنْسٍ ، وَإِنَّمَا كَانَتَا كَذَلِكَ لِأَنَّ نِعْمَ مُسْتَوْفِيَةٌ لِجَمِيعِ الْمَدْحِ ، وَبِئْسَ مُسْتَوْفِيَةٌ لِجَمِيعِ الذَّمِّ ، فَإِذَا قُلْتَ: بِئْسَ الرَّجُلُ دَلَلْتُ عَلَى أَنَّهُ قَدِ اس ْتَوْفَى الذَّمَّ الَّذِي يَكُونُ فِي سَائِرِ جِنْسِهِ ، وَإِذَا كَانَ مَعَهُمَا اسْمُ جِنْسٍ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ فَهُوَ نَصْبٌ أَبَدًا ، فَإِذَا كَانَتْ فِي هِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فَهُوَ رَفْعٌ أَبَدًا ، وَذَلِكَ قَوْلُكَ: نِعْمَ رَجُلًا زَيْدٌ ، وَنِعْمَ الرَّجُلُ زَيْدٌ ، وَبِئْسَ رَجُلًا زَيْدٌ ، وَبِئْسَ الرَّجُ لُ زَيْدٌ ، وَالْقَصْدُ فِي بِئْسَ وَنِعْمَ أَنْ يَلِيَهُمَا اسْمٌ مَنْكُورٌ أَوِ اسْمُ جِنْسٍ ، وَهَذَا قَوْلُ الْخَلِيلِ ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَصِلُ بِئْسَ بِمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " بِئْسَمَا لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ نَسِيتُ أَنَّهُ كَيْتَ وَكَيْتَ ، أَمَّا إِنَّهُ مَا نَس ِيَ وَلَكِنَّهُ أُنْسِيَ ". وَالْعَرَبُ تَقُولُ: بِئْسَمَا لَكَ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا ، إِذَا أُدْخِلَتْ مَا فِي بِئْسَ أُدْخِلَتْ بَعْدَ مَا أَنْ مَعَ الْفِعْلِ: بِئْسَمَا لَكَ أَنْ ت َهْجُرَ أَخَاكَ وَبِئْسَمَا لَكَ أَنْ تَشْتُمَ النَّاسَ, وَرَوَى جَمِيعُ النَّحْوِيِّينَ: بِئْسَمَا تَزْوِيجٌ وَلَا مَهْرَ ، وَالْمَعْنَى فِيهِ: بِئْسَ تَزْوِي جٌ وَلَا مَهْرَ, قَالَ الزَّجَّاجُ: بِئْسَ إِذَا وَقَعَتْ عَلَى مَا جُعِلَتْ " مَا " مَعَهَا بِمَنْزِلَةِ اسْمٍ مَنْكُورٍ, لِأَنَّ بِئْسَ وَنِعْمَ لَا يَعْمَلَانِ فِي اسْمٍ عَلَمٍ إِنَّمَا يَعْمَلَا نِ فِي اسْمٍ مَنْكُورٍ دَالٍّ عَلَى جِنْسٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ, قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَعَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ وَحَمْزَةُ: بِعَذَابٍ بَئِيسٍ ، عَلَى فَعِيلٍ ، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: بِئِيسٍ ، عَلَى فِعِيلٍ وَكَذَلِكَ قَرَأَهَا شِبْلٌ وَأَهْلُ مَكَّةَ وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ: بِئْسٍ ، عَلَى فِعْلٍ ، بِهَمْزَةٍ وَقَرَأَهَا نَافِعٌ وَأَهْلُ مَكَّةَ: بِيسٍ ، بِغَيْرِ هَمْزٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عَذَابٌ بِئْسٌ وَبِيسٌ وَبَئِيسٌ أَيْ شَدِيدٌ ، وَأَمَّا قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ بِعَذَابٍ بَيْئِسٍ فَبَنَى الْكَلِمَةَ مَعَ الْهَمْزَةِ عَلَى مِثَالِ فَيْعِلٍ ، و َإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا فِي الْمُعْتَلِّ نَحْوَ سَيِّدٍ وَمَيِّتٍ ، وَبَابُهُمَا يُوَجِّهَانِ الْعِلَّةَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَرْفَ عِلَّةٍ فَإِنَّهَا مُ عَرَّضَةٌ لِلْعِلَّةِ وَكَثِيرَةُ الِانْقِلَابِ عَنْ حَرْفِ الْعِلَّةِ ، فَأُجْرِيَتْ مَجْرَى التَّعْرِيَةِ فِي بَابِ الْحَذْفِ وَالْعِوَضِ. وَبِيسٌ كَخِيسٍ: ي َجْعَلُهَا بَيْنَ بَيْنَ مِنْ بِئْسَ ثُمَّ يُحَوِّلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَبَيِّسٍ عَلَى مِثَالِ سَيِّدٍ وَهَذَا بَعْدَ بَدَلِ الْهَمْزَةِ فِي بَيْئِسٍ. وَالْأَبْؤُسُ: جَمْعُ بُؤْسٍ ، مِنْ قَوْلِهِمْ: يَوْمٌ بُؤْسٌ وَيَوْمُ نُعْمٌ. وَالْأَبْؤُسُ أَيْضًا: الدَّاهِيَةُ. وَفِي الْمَثَلِ: عَسَى الْغُوَيْ رُ أَبْؤُسًا. وَقَدْ أَبْأَسَ إِبْآسًا, قَالَ الْكُمَيْتُ؛قَالُوا: أَسَاءَ بَنُو كُرْزٍ ، فَقُلْتُ لَهُمْ: عَسَى الْغُوَيْرُ بِإِبْآسٍ وَإِغْوَارِ؛قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْأَبْؤُسَ جَمْعُ بَأْسٍ ، وَهُوَ بِمَعْنَى الْأَبْؤُسِ, لِأَنَّ بَابَ فَعْلٍ أَنْ يُجْمَعَ فِي الْقِلَّةِ عَلَى أَفْعُلٍ نَحْوَ كَعْبٍ وَأَكْ عُبٍ وَفَلْسٍ وَأَفْلُسٍ وَنَسْرٍ وَأَنْسُرٍ ، وَبَابَ فُعْلٍ أَنْ يُجْمَعَ فِي الْقِلَّةِ عَلَى أَفْعَالٍ نَحْوَ قُفْلٍ وَأَقْفَالٍ وَبُرْدٍ وَأَبْرَادٍ وَجُنْ دٍ وَأَجْنَادٍ. يُقَالُ: بَئِسَ الشَّيْءُ يَبْئَسُ بُؤْسًا وَبَأْسًا إِذَا اشْتَدَّ ، قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْأَبْؤُسُ الدَّاهِيَةُ ، قَالَ: صَوَابُهُ أَن ْ يَقُولَ الدَّوَاهِيَ, لِأَنَّ الْأَبْؤُسَ جَمْعٌ لَا مُفْرَدٌ ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي قَوْلِ الزَّبَّاءِ: عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا ، هُوَ جَمْعُ بَأْسٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ ، وَهُوَ مِثْلُ أَوَّلِ مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ الزَّبَّاءُ. قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: التَّقْدِيرُ فِيهِ: عَسَى الْغُوَيْرُ أَنْ يُحْدِثَ أَبْؤُسًا ، قَالَ: هُوَ جَمْعُ بَأْسٍ ، وَلَمْ يَقُلْ: جَمْعُ بُؤُسٍ ، وَذَلِكَ أَنَّ الزَّبَّاءَ لَمَّا خَافَتْ مِنْ قَصِيرٍ قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْغَارَ الَّذِي تَحْتَ قَصْرِكِ ، فَقَالَتْ: عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا أَيْ إِنْ فَرَرْتُ مِنْ بَأْسٍ وَاحِدٍ فَعَسَى أَنْ أَقَعَ فِي أَ بْؤُسٍ ، وَعَسَى هَاهُنَا إِشْفَاقٌ, قَالَ سِيبَوَيْهِ: عَسَى طَمَعٌ وَإِشْفَاقٌ ، يَعْنِي: أَنَّهَا طَمَعٌ فِي مِثْلِ قَوْلِكَ: عَسَى زَيْدٌ أَنْ يُسَلِّمَ ، وَإِشْفَاقٌ مِثْلَ هَذَا الْمَثَلِ: عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْ ؤُسًا ، وَفِي مِثْلِ قَوْلِ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَسَى أَنْ يَضُرَّنِي شَبَهُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَهَذَا إِشْفَاقٌ لَا طَمَعٌ ، وَلَمْ يُفَسَّرْ مَعْنَى هَذَا الْمَثَلِ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي أَيْ مَعْنًى يُتَمَثَّلُ بِهِ, قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: هَذَا الْمَثَلُ يُضْرَبُ لِلْمُتَّهَمِ بِالْأَمْرِ ، وَيَشْهَدُ بِصِحَّةِ قَوْلِهِ قَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِرَجُلٍ أَتَاهُ بِمَنْبُوذٍ: عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا ، وَذَلِكَ أَنَّهُ اتَّهَمَهُ أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ الْمَنْبُوذِ, وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: هُوَ مَثَلٌ لِكُلِّ شَيْءٍ يُخَافُ أَنْ يَأْتِيَ مِنْهُ شَرٌّ, قَالَ: وَأَصْلُ هَذَا الْمَثَلِ أَنَّهُ كَانَ غَارٌ فِيهِ نَاسٌ فَانْهَارَ عَلَيْهِمْ أَوْ أَتَاهُ مْ فِيهِ فَقَتَلَهُمْ. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا, وَهُوَ جَمْعُ بَأْسٍ ، وَانْتَصَبَ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ عَسَى. وَالْغُوَيْرُ: مَاءٌ لِكَلْبٍ ، وَمَعْنَى ذَلِكَ عَسَى أَنْ تَكُونَ جِئْتَ بِأَمْرٍ عَلَيْكَ فِيهِ تُهْمَةٌ وَشِدَّةٌ.
المعجم: لسان العرب

Pages